66

Buugga Towba-keenayaasha

كتاب التوابين

Daabacaha

دار ابن حزم

Lambarka Daabacaadda

الأولى ١٤٢٤هـ/٢٠٠٣م

فَأَتَى جِبَالا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَوَلَجَهَا. فَفَقَدَهُ النَّبِيُّ ﷺ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَإِنَّ جِبْرِيلَ ﵇ نَزَلَ عَلَى النَّبِيُّ ﷺ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ! إِنَّ رَبَّكَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلامَ وَيَقُولُ لَكَ: إِنَّ رَجُلا مِنْ أُمَّتِكَ بَيْنَ هَذِهِ الْجِبَالِ يَتَعَوَّذُ بِي فَقَالَ: النَّبِيُّ ﷺ: "يَا عُمَرُ وَيَا سَلْمَانُ! انْطَلِقَا فَأْتِيَانِي بِثَعْلَبَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ". فَخَرَجَا مِنْ أَنْقَابِ الْمَدِينَةِ فَلَقِيَا رَاعِيًا مِنْ رُعَاةِ الْمَدِينَةِ يُقَالُ لَهُ: ذُفَافَةُ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: هَلْ لَكَ عِلْمٌ بِشَابٍّ بَيْنَ هَذِهِ الْجِبَالِ يُقَالُ لَهُ: ثَعْلَبَةُ؟ قَالَ: لَعَلَّكَ تُرِيدُ الْهَارِبَ مِنْ جَهَنَّمَ فَقَالَ لَهُ: وَمَا عِلْمُكَ بِأَنَّهُ هَارِبٌ مِنْ جَهَنَّمَ؟ قَالَ: لأَنَّهُ إِذَا كَانَ جَوْفُ اللَّيْلِ خَرَجَ عَلَيْنَا مِنْ بَيْنِ هَذِهِ الْجِبَالِ وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى أُمِّ رَأْسِهِ وَهُوَ يُنَادِي: يَا لَيْتَكَ قَبَضْتَ رُوحِي فِي الأَرْوَاحِ وَجَسَدِي فِي الأَجْسَادِ وَلَمْ تُجَرِّدْنِي لِفَصْلِ الْقَضَاءِ! فَقَالَ عُمَرُ: إِيَّاهُ نُرِيدُ فَانْطَلَقَ بِهِمَا. فَلَمَّا كَانَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ خَرَجَ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنَ تِلْكَ الْجِبَالِ وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى أُمِّ رَأْسِهِ وَهُوَ يُنَادِي: يَا لَيْتَكَ قَبَضْتَ رُوحِي فِي الأَرْوَاحِ وَجَسَدِي فِي الأَجْسَادِ وَلَمْ تُجَرِّدْنِي لِفَصْلِ الْقَضَاءِ. قَالَ: فَغَدَا عَلَيْهِ عُمَرُ فَاحْتَضَنَهُ فَقَالَ: يَا عُمَرُ! هَلْ عَلِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِذَنْبِي؟ قَالَ: لا عِلْمَ لِي إِلا أَنَّهُ ذَكَرَكَ بِالأَمْسِ فَأَرْسَلَنِي وَسَلْمَانَ فِي طَلَبِكَ. قَالَ: يَا عُمَرُ! لا تُدْخِلْنِي عَلَيْهِ إِلا وَهُوَ فِي الصَّلاةِ فَابْتَدَرَ عُمَرُ وَسَلْمَانُ الصَّفَّ فَلَمَّا سَمِعَ ثَعْلَبَةُ قِرَاءَةَ النَّبِيُّ ﷺ خَرَّ مُغْشِيًا عَلَيْهِ. فَلَمَّا سَلَّمَ النَّبِيُّ ﷺ قَالَ: "يَا عُمَرُ! يَا سَلْمَانُ! مَا فَعَلَ ثَعْلَبَةُ؟ " قَالا: هَا هوذا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَامَ النَّبِيُّ ﷺ فَحَرَّكَهُ فَانْتَبَهَ. فَقَالَ لَهُ: رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "مَا غَيَّبَكَ عَنِّي؟ " قَالَ: ذَنْبِي يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: "أَفَلا أَدُلُّكَ عَلَى آيَةٍ تَمْحُو الذُّنُوبَ وَالْخَطَايَا؟ " قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: "قُلْ: ﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ . [البقرة: ٢٠١] ". قَالَ: ذَنْبِي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْظَمُ قَالَ: "بَلْ كَلامُ اللَّهِ أَعْظَمُ". ثُمَّ أَمَرَهُ بِالانْصِرَافِ إِلَى مَنْزِلِهِ. فَمَرِضَ ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ إِنَّ سَلْمَانَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هَلْ لَكَ فِي ثَعْلَبَةَ فَإِنَّهُ لِمَا بِهِ قَدْ هَلَكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "قُومُوا بِنَا إِلَيْهِ". فَدَخَلَ عَلَيْهِ فَأَخَذَ رَأْسَهُ فوضعه عن حجره فأزال رأسه عن حجر

1 / 70