أشتهي يمشي على بصري ... ويجلد الخد ينتعل
من بني الأتراك مذ نظرت
مقلتيه غادة سحرت
هي قالت إذ به افتخرت
يا أمي هذا جارنا التتري ... فتح الله بو وقد قفلو
-١٢-
وراق لي هذا المشرع، وشاقني هذا المنزع، فعكست هذا الترتيب في القافية، ووردت مناهل وزنه الصافية، فقلت، وبالله التوفيق:
كان لي فيما مضى مقل ... فنيت بالدمع والسهر
كل من يهوى الملاح كذا
ينتهي فيهم لكل أذى
أضرموا في القلب منه جذى
فهو بالأشواق يشتعل ... إن خبت هاجت من الفكر
بدر تم غاب واحتجبا
بعد وصل خيفة الرقبا
وحسودي نال ما طلبا
تعبت ما بيننا الرسل ... وانقضى في هجرة عمري
ريم رمل زانه الحور
روضة دمعي لها مطر
خده يزهى به الزهر
فهو غصن ناعم خضل ... قلبه أقسى من الحجر
ثغره المفتر عن حبب
أقحوان رائق الشنب
واللمى ضرب من الضرب
ودياجي الشعر تنسدل ... من محياه على قمر
ومهاة تشبه القمرا
ألفت ظبيا لها أسرا
هي قالت عندما ذكرا
يا أمي يحلا لي إذا عملو ... تحسبيه سكر وزند طري
-١٣-
ومن ذلك موشحة للسراج المحار، رحمه الله تعالى، وهي:
ترى دهر مضى بكم يئوب ... منيبا
ويضحي روض آمالي الجديب ... خصيبا
عسى صب تملكه هواه ... يعاود جفن مقلته كراه
ويبلغ من وصالكم مناه ... ويرجع دهرنا عما جناه
ويجمع شملنا حسن وطيب ... قريبا
ويصبح حين أدعوه الحبيب ... مجيبا
أرى أمد الصدود بكم تمادى ... وكم لمت الفؤاد فما أفادا
وتأبى عبرتي إلا اطرادا ... ونار صبابتي إلا اتقادا
فخدي رده الدمع السكوب ... خضيبا
وقلبي كاد أشواقا يذوب ... لهيبا
وبي رشأ بناظره يصول ... حسام من ضرائبه العقول
على وجناته لدمي دليل ... ولكن ما إلى قود سبيل
حبته من ضمائرها القلوب ... نصيبا
فكان لها وإن كره الرقيب ... حبيبا
غزال وهو في المعنى هلال ... قريب وصله ما لا ينال
وغصن راح يعطفه الدلال ... كذا الأغصان تثنيها الشمال
إذا مالت بعطفيه الجنوب ... هبوبا
تثنى في غلائله القضيب ... رطيبا
كلفت بحبه حلو المعاني ... أعاني في هواه ما أعاني
أراه إن تباعد عن عياني ... كبدر التم قاص وهو دان
يرينا حين تطلعه الجنوب ... عجبا
جمالا لا يكلفه الغروب ... مغيبا
-١٤-
رأيت هذا العصب اليماني، وصقال هذا العضب الهندواني، فأردت أن أنظم في هذا الوزن، وأبرز درًا طال منه الكتم والخزن، وأنبت زهرًا بعد به عهد الروض في الحزن، فقلت، وبالله التوفيق:
ترى بالوصل يسمح لي الحبيب ... مثيبا
ويقضي نحبه منا الرقيب ... قريبا
حبيب دق معناه فجلا ... ترنحه الصبا تيها ودلا
يفرق نوره صبح تجلى ... عليه ليل شعر قد أطلا
ترنح من معاطفه القضيب ... رطيبا
ومن رد فيه قد ماج الكثيب ... رحيبا
له خد شقائقه تشوق ... يرق نعيمه لما يروق
خليق حين صب به الخلوق ... كان رحيقه فيه حريق
على جمراته سلت الكروب ... قلوبا
ويمنع نمل صدغيه اللهيب ... دبيبا
أيا بدر السماء تنح عنا ... فلست كمن لقلب الصب عنى
ولا لك مقلة بالسحر وسنى ... ووجه معذبي في الحسن أسنى
فبدر كل يوم يستجيب ... مغيبا
تراه عند بدر لا يغيب ... معيبا
سباني صاحب بالنون يدعى ... ونبت عذاره كاللام وضعا
وذلك نبل رام راح قطعا ... وشك حشا المحب وليس بدعا
جروفٌ ما أراه أم حروب ... عجيبا
تأنق كاتب فيها نسيب ... نسي با
أسال الدمع سيلا يوم بيني ... وأوقع بين لذاتي وبيني
وقرَّح بالبكا أجفان عيني ... وصير كل عين مثل عين
دموع كم تزين وما تريب ... تريبا
ومنها قد غدا خدي الجديب ... خصيبا
-١٥-
1 / 8