Tawjih Nazar
توجيه النظر إلى أصول الأثر
Baare
عبد الفتاح أبو غدة
Daabacaha
مكتبة المطبوعات الإسلامية
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
1416 AH
Goobta Daabacaadda
حلب
Noocyada
Culuumta Xadiiska
وَفِي معرفَة الْخلاف فَائِدَة لَا تنكر وَكَثِيرًا مَا يستنبط من أمعن النّظر فِيهَا قولا آخر يُوَافق كل وَاحِد من الْأَقْوَال الْمَذْكُورَة من بعض الْوُجُوه وَكَثِيرًا مَا يكون أقوى من كل وَاحِد مِنْهَا وأقوم وَقد وَقع ذَلِك فِي مسَائِل لَا تحصى فِي عُلُوم شَتَّى
وَإِن كَانَت تِلْكَ الْأَقْوَال غير مُخْتَلفَة فِي الْمَآل كَانَ من توارد الْعبارَات الْمُخْتَلفَة على الشَّيْء الْوَاحِد وَفِي ذَلِك من رسوخ الْمَسْأَلَة فِي النَّفس ووضوح أمرهَا مَا لَا يكون فِي الْعبارَة الْوَاحِدَة على أَن بعض الْعبارَات رُبمَا كَانَ فِيهَا شَيْء من الْإِبْهَام أَو الْإِيهَام فيزول ذَلِك بغَيْرهَا وَقد يكون بَعْضهَا أقرب إِلَى فهم بعض الناظرين فكثيرا مَا تعرض عبارتان متحدتا الْمَعْنى لاثْنَيْنِ تكون إِحْدَاهمَا أقرب إِلَى فهم أَحدهمَا وَالْأُخْرَى أقرب إِلَى فهم الآخر وَهَذَا مشَاهد بالعيان لَا يحْتَاج إِلَى برهَان وَمن ثمَّ ترى بعض المؤلفين قد يأْتونَ بِعِبَارَة ثمَّ إِذا بدا لَهُم أَن بعض المطالعين رُبمَا لم يفهمها أَتَوا بِعِبَارَة أُخْرَى وأشاروا إِلَى ذَلِك
وَإِذا عرفت هَذَا تبين لَك أَن مثل هَؤُلَاءِ المعترضين مثل غر جال فِي الْأَسْوَاق فَصَارَ كلما رأى شَيْئا لم يشْعر بفائدته أَو لم تدع حَاجته إِلَيْهِ عد وجوده عَبَثا وسفه رَأْي عماله والراغبين فِيهِ وَكَانَ الأجدر بِهِ أَن يقبل على مَا يعنيه ويعرض عَمَّا لَا يعنيه
وَكَأن كثيرا مِنْهُم يظنّ أَن الِاعْتِرَاض على أَي وَجه كَانَ يدل على الْعلم والنباهة مَعَ انه كثيرا مَا يدل على الْجَهْل والبلاهة وَلَا نُرِيد بِمَا ذكرنَا سد بَاب الِاعْتِرَاض على المؤلفين والمؤلفات بل صد الَّذين بتعرضون لذَلِك ببادىء الرَّأْي لَا غير وَإِلَّا فالاعتراض إِذا كَانَ معقولا لَا يُنكر بل قد يحمد عَلَيْهِ صَاحبه ويشكر
1 / 44