Tawjih Nazar
توجيه النظر إلى أصول الأثر
Tifaftire
عبد الفتاح أبو غدة
Daabacaha
مكتبة المطبوعات الإسلامية
Daabacaad
الأولى
Sanadka Daabacaadda
1416 AH
Goobta Daabacaadda
حلب
Noocyada
Culuumta Xadiiska
ﷺ مَا أقلت الغبراء وَلَا أظلت الخضراء لهجة من أبي ذَر مُقْتَضَاهُ أَن يكون أَبُو ذَر أصدق الْعَالم أجمع وَلَيْسَ الْمَعْنى كَذَلِك وَإِنَّمَا نفى أَن يكون أحد أَعلَى رُتْبَة فِي الصدْق مِنْهُ وَلم ينف أَن يكون فِي النَّاس مثله فِي الصدْق وَلَو أَرَادَ مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ لقَالَ أَبُو ذَر أصدق من أقلت الغبراء وأظلت الخضراء
وَقَالَ بَعضهم عَن هَذِه الصِّيغَة تسْتَعْمل تَارَة على مُقْتَضى اللُّغَة فتدل على نفي الزِّيَادَة فَقَط وتستعمل تَارَة على مُقْتَضى الْعرف فتدل على نفي الزِّيَادَة والمساوة مَعًا وَحَيْثُ أَن عبارَة أبي عَليّ تحْتَمل الْمَعْنيين فَلَا يَنْبَغِي أَن ينْسب إِلَيْهِ أَحدهمَا جزما كَمَا فعل جمَاعَة حَيْثُ ذكرُوا أَنه قَالَ إِن كتاب مُسلم أصح من كتاب البُخَارِيّ
وَقَالَ بعض الْعلمَاء وَالَّذِي يظْهر لي من كَلَام أبي عَليّ أَنه إِنَّمَا قدم صَحِيح مُسلم لِمَعْنى آخر غير مَا يرجع إِلَى مَا نَحن بصدده من الشَّرَائِط الْمَطْلُوبَة فِي الصِّحَّة بل لَك لِأَن مُسلما صنف كِتَابه فِي بَلَده بِحُضُور أُصُوله فِي حَيَاة كثير من مشايخه فَكَانَ يتحرز فِي الْأَلْفَاظ ويتحرى فِي السِّيَاق بِخِلَاف البُخَارِيّ فَإِنَّهُ رُبمَا كتب الحَدِيث من حفظه وَلم يُمَيّز أَلْفَاظ رُوَاته وَلِهَذَا رُبمَا يعرض لَهُ الشَّك وَقد صَحَّ عَنهُ انه قَالَ رب حَدِيث سمعته بِالْبَصْرَةِ فكتبته بِالشَّام
وَلم يتصد مُسلم لما تصدى لَهُ البُخَارِيّ من استنباط الْأَحْكَام ليبوب عَلَيْهَا حَتَّى لزم من ذَلِك تقطيعه للْحَدِيث فِي أبوابه بل جمع مُسلم الطّرق كلهَا فِي مَكَان وَاحِد وَاقْتصر على الْأَحَادِيث دون الْمَوْقُوفَات فَلم يعرج عَلَيْهَا إِلَّا فِي بعض الْمَوَاضِع على سَبِيل الندرة تبعا لَا مَقْصُودا فَلهَذَا قَالَ أَبُو عَليّ مَا قَالَ مَعَ أَنِّي رَأَيْت بعض
1 / 301