Tawjih Nazar
توجيه النظر إلى أصول الأثر
Baare
عبد الفتاح أبو غدة
Daabacaha
مكتبة المطبوعات الإسلامية
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
1416 AH
Goobta Daabacaadda
حلب
Noocyada
Culuumta Xadiiska
وَأما قَوْله ﴿مَا تذر من شَيْء أَتَت عَلَيْهِ إِلَّا جعلته كالرميم﴾ فَإِنَّهُ إِنَّمَا أخبر أَنَّهَا دمرت كل شَيْء أَتَت عَلَيْهِ لَا كل شَيْء لم تأت عَلَيْهِ فَبَطل تمويههم
وَأما قَوْله تَعَالَى ﴿وَأُوتِيت من كل شَيْء﴾ فَإِنَّمَا حكى تَعَالَى هَذَا القَوْل عَن الهدهد وَنحن لَا نحتج بقول الهدهد وَإِنَّمَا نحتج بِمَا قَالَ الله تَعَالَى مخبرا بِهِ لنا عَن علمه أَو حَقَّقَهُ الله تَعَالَى من خبر من نقل إِلَيْنَا خَبره وَقد نقل تَعَالَى إِلَيْنَا عَن الْيَهُود وَالنَّصَارَى أقوالا كَثِيرَة لَيست مِمَّا يَصح فَإِن قَالَ قَائِل إِن سُلَيْمَان ﵇ قَالَ للهدهد ﴿سننظر أصدقت أم كنت من الْكَاذِبين﴾ قُلْنَا نعم وَلَكِن لم يخبرنا الله تَعَالَى أَن الهدهد صدق
وَاحْتَجُّوا بقوله تَعَالَى ﴿وَخلق كل شَيْء﴾ وَهُوَ ﷿ غير مَخْلُوق وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿الَّذين قَالَ لَهُم النَّاس إِن النَّاس قد جمعُوا لكم فَاخْشَوْهُمْ﴾ قَالُوا وَإِنَّمَا قَالَ لَهُم ذَلِك بعض النَّاس وَإِنَّمَا كَانَ الجامعون لَهُم بعض النَّاس
قَالَ عَليّ نَحن لَا ننكر أَن يرد دَلِيل يخرج بعض الْأَلْفَاظ عَن موضوعها فِي اللُّغَة بل أجزنا ذَلِك وَقد قَامَ الْبُرْهَان الضَّرُورِيّ على أَن المُرَاد بخلقه تَعَالَى كل شَيْء أَن ذَلِك فِي كل مَا دونه ﷿ على الْعُمُوم وَهَذَا مَفْهُوم من نَص الْآيَة لِأَنَّهُ لما كَانَ تَعَالَى هُوَ الَّذِي خلق كل شَيْء وَمن الْمحَال أَن يحدث أحد نَفسه لضرورات براهين أحكمناها فِي كتاب الْفَصْل صَحَّ أَن اللَّفْظ لم يَأْتِ قطّ لعُمُوم الله فِيمَا ذكر أَنه خلقه
وَكَذَلِكَ لما كَانَ المخبرون لهَؤُلَاء بِأَن النَّاس قد جمعُوا لَهُم نَاسا غير النَّاس الجامعين وَكَانَ النَّاس الجامعون لَهُم غير النَّاس المخبرين لَهُم وَكَانَت الطائفتان مَعًا غير الْمَجْمُوع لَهَا علمنَا أَن اللَّفْظ لم يقْصد بِهِ إِلَّا مَا قَامَ فِي الْعقل وَإِنَّمَا ننكر دَعْوَى إِخْرَاج الْأَلْفَاظ عَن مفهومها بِلَا دَلِيل اهـ
1 / 205