Tawilat
التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي
Noocyada
[النجم: 39-40]، وأما الذين كانوا أهل الفتنة يسعون في ترديدهم أدركتهم العناية الأزلية بدفع البلية وبدل خوفهم بالرجاء وجفاءهم بالوفاء وأنزل فيهم { إن الذين ءامنوا والذين هاجروا } [البقرة: 218]، أي: مع أنهم آمنوا هاجروا عن أوطانهم { وجهدوا } [البقرة: 218]، بأبدانهم { في سبيل الله أولئك يرجون رحمت الله } [البقرة: 218]؛ يعني: أولئك هم المستحقون لرحمة الله { والله غفور } [البقرة: 218]، يغفر ذنب قتالهم في الشهر، أم { رحيم } [البقرة: 218]، يرحم عليهم إذا هاجروا وجاهدوا في سبيل الله.
ثم أخبر عن أهل مراعاة الأمر وسؤالهم عن الخمر بقوله: { يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهمآ } [البقرة: 219]، والإشارة فيها أن الخمر الظاهر كما يتخذ من أجناس مختلفة كالعنب والتمر والعسل والحنطة والشعير وغير ذلك فكذلك خمر الباطن من أجناس مختلفة كالغفلة والشهوة والهوى وحب الدنيا وأمثالها، وهذا الخمور تسكر النفوس والعقول الإنسانية وفيها { إثم كبير } [البقرة: 219]، ولهذا كل مسكر حرام، وما يسكر كثيره فقليله حرام، ومنها ما يسكر القلوب والأرواح والأسرار وهو شراب الواردات وأقداح المشاهدات من ساقي تجلي الصفات، فإذا أدارت الكئوس انخمدت النفوس، وتسكر القلوب بالمواجيد عن المواعيد، والأرواح بالشهود عن الوجود، والأسرار بلحظ الجمال عن ملاحظة الكمال، فهذا شراب حل { ومنفع للناس } [البقرة: 219]، قال قائلهم:
فتهجرك من لفظي هو الوصل كله
وسكرك من لحظي فسح لك الشرب
فما مل ساقينا وما مل شارب
غفار لحاط كأسها يسكر اللب
فالعجب كل العجب أن قوما أسكرهم الشراب، وقوما أسكرهم شهود الساقي كقولهم:
فأسكر القوم دور كأس
وكان سكري من المدير
وإثم الإعراض عن كئوس الوصال في النهاية أكبر من نفع الطلب ألف سنة في البداية، وكما أن السكران ممنوع من الصلاة فسكران الغفلة والهوى ممنوع عن المواصلات، وأما إثم الميسر فهي إن آثار القمار هي شعار أكثر أهل الديار في سلوك طريق الحيل والخداع بالفعل والكذب والفحش في المقال، وإنه كبير عند الأخيار بعيد عن خصال الأبرار، وأما نفعه فعدم التفات إلى الكونين، وبذل نقوش العالمين في فروانية نقش الكعبتين: { وإثمهمآ أكبر من نفعهما } [البقرة: 219] لأن إثمهما للعوام ونفعهما للخواص وقليل ما هم { ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو } [البقرة: 219]، وهو ما يعطيه المرء ويعفو أثره عن قلبه عند الإنفاق يعني: يطيب القلب لأن أصل العفو المحو والطمس يدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم:
Bog aan la aqoon