233

Tawilat

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

Noocyada

يوم يأتي بعض ءايات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن ءامنت من قبل

[الأنعام: 158]، وكما أن للحاج مواقيت معينة يحرمون منها، فكذلك للقاصدين إلى الله ميقاتا؛ وهي: أيام الشباب من بلاغة الصورة إلى بلوغ الأربعين؛ وهو: حد بلاغة المعنى؛ لقوله تعالى:

حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة

[الأحقاف: 15]؛ ولهذا قال المشايخ: الصوفي بعد الأربعين نادر؛ يعني: إن كان ظهور إرادته وطلبه يكون بعد الأربعين، فوصوله إلى القصد الحقيقي يكون نادرا مع إمكانه، ولكن من يكون طلب صدقه في الإرادة قبل الأربعين، وما أمكنه الوصلة بقرب الاحتمال أن يكون بعد الأربعين حصول مقصوده بأن يبذل غاية مجهوده بشرائطه وحقوقه وحدوده من إقامة، أو أن الطلب في عنفوان شبابه يستبعد له الوصلة في حال شيبه، فجرى منه على الحيف بأن ضيع اللبن في الصيف؛ ولكن يصلح للعبادة التي أجرها الجنة، قيل: وقف صاحب ولاية على باب الجامع والخلق يخرجون منه في ازدحام وغلبة وكان ينظر إليهم ويقول: هؤلاء حشو الجنة، وللمجالسة أقوام آخرون.

{ فمن فرض فيهن الحج } [البقرة: 197]؛ أي: صادقه صدق الالتجاء، وقصد الحق في شرخ شبابه يتزر بإزار التواضع والانكسار، ويرتدي برداء التذلل والافتقار، { فلا رفث ولا فسوق } [البقرة: 197]؛ أي: لا يخرج من أمر من الأوامر، ولا يدخل في منهى من المناهي، بل لا يخرج من حكم الوقت ولا يدخل فيما يورث المقت.

{ ولا جدال في الحج } [البقرة: 197]؛ أي: لا نزاع للسالك الصادق في طلب الوصول مع أحد في شيء من الدنيا لا بالفروع ولا بالأصول، وإلا فما تخاصم مع أحد، ولا في جاهها لأحد تزاحم، فمن نازعه في شيء منها يسلمها إليه ويسلم عليه، فإن من دأب القوم

وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما

[الفرقان: 63].

{ وما تفعلوا من خير } [البقرة: 197]؛ يعني: من هذه الجملة وغيرها من الخيرات، { يعلمه الله } [البقرة: 197]، قليله وكثيرة وإخلاصه ورياءه وسره وعلانيته، { وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يأولي الألباب } [البقرة: 197]، في الكلام تقديم وتأخير وإضمار تقديره وتزودوا يا أولي الألباب؛ يعني : لكل سالك طريق زاد يناسب طريقه، فزاد أولي القشور؛ وهم: أهل الدنيا من الكعك والسويق وأمثاله؛ لأن طريقهم ومقصدهم ومقصودهم أيضا قشر بالنسبة إلى طريق الحق، فإن طريقهم الأرض، ومقصدهم ومقصدهم البيت، ومقصودهم الجنة، وهذا قشر بالنسبة إلى ما ذكرنا، { وتزودوا } فإن خير المقاصد ينبغي أن يكون من { خير الزاد } ، فأشار إلى: { تزودوا } يا أولي الألباب من لب الزاد وهو التقوى { فإن خير الزاد التقوى } وخير التقوى أن تكون متقي، إن تتقون بي مني، فتقوى أهل القشور مجانبة الزلات والمزلات بالطاعات والمبرات تفهم إن شاء الله تعالى وتنتفع به.

ثم أخبر عن الفضل مع ذوي الفضل بقوله تعالى: { ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم } [البقرة: 198]، الآيتين والإشارة فيهما أن قوله تعالى: { ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم } [البقرة: 198]، إعلام بأن للفضل كثرة وتنوعا؛ لأنه ذكره بالنكرة تقع على واحد على التعيين؛ كقولك: جاءني زيد، فهذا يدل على أن في الرجال كثرة، ولكنه ما جاءك إلا واحد منهم، فكذلك هنا يدل على أن في الفضل كثرة، وليس على العبد جناح أن تبتغي أي: فضل يريده من الله وهو كثرة تنوعه تنقسم على ثلاثة أقسام بالنسبة إلى أحوال العبد والتنوع والأقسام راجع إلى تغير أحوال العباد ولا إلى تغير صفات الحق تعالى.

Bog aan la aqoon