216

Tawilat

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

Noocyada

" كفى بالموت واعظا "

؛ لكن القلب والروح والسر كلهم من العالم الروحاني، وصفاتهم روحانية حميدة باقية، فترك مشاربها والخروج عنها صعب جدا.

وقوله تعالى: { فمن خاف من موص جنفا أو إثما } [البقرة: 182]؛ أي: تفرس من هذه الوصية على الموصى له، { جنفا } في ترك مشاربه بأن يبالغ في المجاهدات لنيل المشاهدات، أو تجاوزا عن حد الشرع في رفع الطبع، { فأصلح بينهم } [البقرة: 182]؛ يعني الروح والبدن والقلب والسر والوصية إلى العدل والحق؛ ولكن بنظر صاحب ولاية كامل؛ ليطرق سلوك طريق الحق؛ ليخرجهم من ظلمات الطبع، وهذا أحد أسرار بعثة الأنبياء عليهم السلام، فافهم جدا.

{ فلا إثم عليه } [البقرة: 183]، أي: فلا حرج على المصلح بينهم فيما يواسيهم ويداري معهم ويرفق بهم ببعض الرخص، فإن الحمل على الصدق المحض لا يثبت له إلا قليل من المجذوبين، { إن الله غفور } [البقرة: 182] أي: يستر ما به يغان على قلب السالك عند فترة أو وقفة أو رخصة في رجوعه إلى الله بالاستغفار، { رحيم } [البقرة: 182]؛ أي: يلطف ويعطف به بالرحمة كقوله صلى الله عليه وسلم:

" إنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله في كل يوم مائة مرة ".

ثم أخبر عن أحد أركان الوصية في الإمساك عن المشارب القلبية والقالبية بقوله تعالى: { يأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام } [البقرة: 183]، والإشارة فيها أن الصوم كما يكون للظاهر يكون للباطن، وباطن الخطاب يشير إلى صوم القلب والروح والسر، { الذين آمنوا } شهود أنوار الحضور مع الله كما سبق ذكرهم، فصوم القلب: صومه عن مشارب المعقولات، وصوم الروح: عن ملاحظة الروحانية، وصوم السر: صومه عن شهود غير الله، فمن أمسك عن المفطرات فنهاية صومه إذا هجم الليل، ومن أمسك عن الأغيار فنهاية صومه أن يشهد الحق.

وفي قوله صلى الله عليه وسلم:

" صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته "

، عند أهل التحقيق الهاء عائدة إلى الحق تعالى، فينبغي أن يكون صوم العبد ظاهرا وباطنا لرؤية الحق وإفطاره بالرؤية كما قال قائلهم:

لقد صام طرفي عن شهود سواكم

Bog aan la aqoon