211

Tawilat

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

Noocyada

" إن الله تعالى إذا أحب عبدا نادى جبريل عليه السلام: إني أحببت فلانا فأحبه، فيحبه جبريل عليه السلام ثم ينادي جبريل عليه السلام في أهل السماء: إن الله أحب فلانا فأحبوه، فيحبوه أهل السماء "

، وبر حبي لكم ليس بمحدث كحبكم معي، بل هو بر قديم في الكتاب العلم الأزلي والكلام السرمدي:

يحبهم ويحبونه

[المائدة: 54] أي: يحبهم في الأزل ويحبونه في الأبد، يحبهم بأن بر معهم ببر محبته لهم ليبروا معه بحبهم إياه ببر محبة التي بر بها معهم، ويحبونه ولولا محبته لهم ما كانوا ليؤمنوا به ويحبوه أبدا، فافهم جدا.

قوله تعالى: { والنبيين } [البقرة: 177] أي: بنور هذه المحبة يهتدي المحبون إلى أهل محبة محبوبهم، فإن الجنسية علة الغنم فيؤمنون بهم، ويتابعونهم حق المتابعة، فأظهر فوائد خصوصية هذا الإيمان، وأخبر عن ثمرات بذر بر حبه فيهم بقوله تعالى: { وآتى المال على حبه } [البقرة: 177] يعني: من ثمرات حبه إيتاء المال على حبه، والمال إشارة إلى ما يمال إليه غير الله، فمن نتائج بذر بر الحب إنفاق كل محبوب غير الله على حب الله؛ ليكون ثمرة بذر حب الله في النهاية بر الوصول إلى حضرة المحبوب لقوله تعالى:

لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون

[آل عمران: 92] لأن ثمرة كل بذر في النهاية يكون من جنس بذرها في البداية، ولكن فيه معنى وخصوصية أخرى، ولهذا سئل الجنيد رحمه الله: ما النهاية؟ قال: الرجوع إلى البداية في قوله تعالى: { وآتى المال على حبه } [البقرة: 177] معنى آخر، وهو إنما حصل للعبد من بر الحب ومال إلى البر من عواطف الحق وإحسانه، بتجلي أنوار صفاته يعطيه وينقصه على حب حبيبه بأداء حقوق الشريعة والطريقة بالمعاملات الطيبة والقالبية { ذوي القربى } [البقرة: 177]، وهم الروح والقلب والسر والقربة الحق { واليتامى } [البقرة: 177]، المتولدات من النفس الحيوانية الأمارة بالسوء إذا ماتت النفس عن صفاتها بسطوات تجلي صفات الحق، فثبت وبقيت منها يتامى المتولدات على الدوام من أوصاف البشرية { والمساكين } [البقرة: 177]، وهي الأعضاء والجوارح { وابن السبيل } [البقرة: 177]، القوى البشرية والحواس الخمس، فإنهم في التردد والشعر في عوالم المعقولات والمخيلات والموهومات والمحسوسات، وإنما { والسآئلين } [البقرة: 177]، وهم الدواعي الحيوانية والروحانية { وفي الرقاب } [البقرة: 177] أي: فك رقبة السر عن أسر تعلقات الكونين، وعتق رقبته عن عبودية ما في الدارين، فإن المكاتب عبد ما بقي درهم، فإذا تخلص السر عن أسر غير الله وعبوديته بدوام الرقبة، ولزوم المعاملة صار أهل المشاهدة { وأقام الصلاة } [البقرة: 177]، المحاضرة مع الله بالله { وآتى الزكاة } [البقرة: 177]، زكاة مواهب الحق إلى استحقاقها من الحق، فهم { والموفون بعهدهم إذا عاهدوا } [البقرة: 177]، مع الله بالتوحيد والعبودية الخالصة يوم الميثاق { والصابرين في البأسآء } [البقرة: 177]، وإنهم من الصابرين في بأساء مراعاة الحقوق { والضرآء } [البقرة: 177]، مخالفات الحظوظ وفناء الوجود عند بقاء الشهود { وحين البأس } [البقرة: 177]، حين بأس سطوات الجلال لا لصبرهم بل لقيام الحق عنهم وبقائهم بصفات الجلال { أولئك الذين صدقوا } [البقرة: 177]، ببذل الوجود وما عاهدوا الله عليه يوم الشهود كقوله تعالى:

من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه

[الأحزاب: 23] { وأولئك هم المتقون } [البقرة: 177]، من ترك الأنانية بالاستهلاك في الهوية، وإن ما ينقضي الآن من فنون الإحسان ووجود فضائل الإيمان، وتصفية الأعمال وصلة الرحم والتمسك بفنون الذمم والعفو والوفاء بالعهود ومراعاة الحد وتعظيم الأثر كثير الخطر محبوب الحق شرعا ومطلوبه أمرا، ولكن قيام الحق عنك عند قيامك عنه، وامتحانك من مشاهدتك لاستهلاكك في وجود القدم، وتعطيل رسولك عن ساكنات إحساسك أتم وأعلى في المعنى.

ثم أخبر عن اختصاص القصاص للعوام والخواص بقوله تعالى: { يأيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى } [البقرة: 178]، والإشارة فيها أن الله تعالى كتب عليكم القصاص في قتلاكم، وكتب على نفسه الرحمة في قتلاه، وقال:

Bog aan la aqoon