180

Tawilat

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

Noocyada

وهو السميع العليم

[البقرة: 137] والإشارة في تحقيق الآيات أن يهود الشيطان الإنساني، فإن لكل إنسان شيطان كما جاء في الحديث، ونصارى الهوى والنفسانية، ويدعو كل واحد منهم الأمة المسلمة من طينة الإنسان إلى دينه ويقول: كونوا على ديني فلا دين إلا ديني فيناديهم منادي ألطاف الحق { قل بل ملة إبراهيم } [البقرة: 135]، الروح { حنيفا } [البقرة: 135]، مائلا إلى الحق: { وما كان من المشركين } [البقرة: 135]، الملتفتين إلى غير الحق { قولوا آمنا بالله ومآ أنزل إلينا } [البقرة: 136]، من أنوار الواردات وإلهامات { ومآ أنزل إلى إبراهيم } [البقرة: 136]، الروح من تجلي صفات الحق { وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط } [البقرة: 136]، المتولدات من الروح { ومآ أوتي موسى } [البقرة: 136]، القلب { وعيسى } [البقرة: 136]، السر.

{ وما أوتي النبيون } [البقرة: 136]، وهم المدركات الروحانية والعقلية { من ربهم } [البقرة: 136]، من مكاشفات الأسرار الربانية ومشاهدات الأنوار الإلهية { لا نفرق بين أحد } [البقرة: 136]، في الإيمان بما أنزل إليهم وما أوتي كل واحد { منهم } [البقرة: 136]، إذ هو من أصناف ألطاف الحق { ونحن له مسلمون } [البقرة: 136].

[2.137-142]

{ فإن آمنوا } [البقرة: 137] يعني يهود الشيطان كما أسلم شيطان محمد صلى الله عليه وسلم ونصارى الهوى { بمثل مآ آمنتم به فقد اهتدوا } [البقرة: 137]، فإن الشيطان إذا آمن يكون للسالك بمثابة جبريل عليه السلام فيعرج به إلى سدرة المنتهى، وهي أعلى المراتب الروحانية فلا يستبعد هذا من الشيطان فإنه جبريل الأصل فبالإباء والاستكبار صار شيطانا رجما، فإن أسلم وترك الإباء وسجد لآدم الروح، فرجع إلى أصل خلقته، ونصارى الهوى إذا رجما، فإن آمنت تكون المحبة والشوق والعشق وتكون للسالك بمثابة الرفرف لمحمد صلى الله عليه وسلم فيها يصل السالك إلى الحق ويعرج من سدرة المنتهى.

ولهذا قال بعض المشايخ: لولا الهوى ما سلك أحد طريقا على الله تعالى { وإن تولوا فإنما هم في شقاق } [البقرة: 137]، يعني العداوة والمخالفة من شر الشيطان والهوى { فسيكفيكهم الله } [البقرة: 137]، يا سالك شرهما وشرك من هو من قبليهما فلا تلتفت إليهم { وهو السميع } [البقرة: 137]، بمقالاتكم { العليم } [البقرة: 137]، بحالاتكم ومعاملاتكم.

ثم أخبر أن معالجة المؤمن بصبغة الله لا يغيرها بقوله تعالى: { صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة } [البقرة: 138]، إلى قوله: { مخلصون } [البقرة: 139] والإشارة فيها أنه كما أن للكفر صبغة فللدين صبغة، وصبغة الدين هي صبغة الله فليس العبرة فيما يتكلفه الخلق، وإنما العبرة فيما يتصرفه الحق، فنصيب الأشباح من صبغة الله توفيق القيام بالأحكام وحظ القلوب تصديق المعارف بالعوارف في كفل الأرواح منها شهود الأنوار وكشوف الأسرار، وحق الأسرار منها فناء ليكون من صبغة الخلق بقاء التمكن في صبغة الله { ومن أحسن من الله صبغة } فإنها أزلية أبدية لا تغير فيها { ونحن له عابدون } [البقرة: 138]، يعني لصبغة أحكام أزليته منقادون بصبغة أنوار أبديته مكاشفون { قل أتحآجوننا في الله } [البقرة: 139]، وأنتم بحجب الخلقية وأستار أوصاف البشرية تحتجبون.

{ وهو ربنا } [البقرة: 139]، يربينا بحجر العناية بألبان الهداية { وربكم } [البقرة: 139]، يربيكم بألبان الخذلان في حجر الكفر والعصيان من إغواء الشيطان { ولنآ أعمالنا } [البقرة: 139]، مثمرة القبول والنجاة { ولكم أعمالكم } [البقرة: 139]، مثمرة الرد والهلاك لأنه { ونحن له مخلصون } [البقرة: 139]، لا غيره وأنتم مخلصون لغيره لا له، وما أمرنا نحن ولا أنتم إلا أن نعبد الله مخلصين لقوله تعالى:

ومآ أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين

[البينة: 5].

Bog aan la aqoon