Tawilat
التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي
Noocyada
[فصلت: 51] فأنت رحمة علي بدفع النعمة والصحة على أنها مظنة الإعراض، وأفنيتني بك عني فلما جاوز الضر حده آل إلى ضده، فما أبقي الضر مني شيئا، وما بقي الضر كالنار إذ لم تبق من الحطب شيئا لا تبقى النار، فإذا لم يبقى الضر ما بقي إلا الرحمة، فبنظر الرحمة نظرت إليك فرأيتك رحمة أرحم الراحمين، فإذا تحققت هذا فاعلم أن المرتبة الثانية من بلاء المحنة لأهل السلامة كما كان حال أيوب وإبراهيم ويونس وغيرهم من الأنبياء - عليهم السلام - في المرتبة الثانية السلامة.
وأما المعنى الثاني: في حمل السين على السلامة في المرتبة الثانية فهو أنا ذكرنا أن الباء في افتتاح الكتاب إشارة إلى البلاء لأهل الولاء، وقررنا أن الإنسان لا يخلو من البلاء بحال، وأثبتنا أن البلاء على نوعين بلاء المحبة وبلاء النعمة، فبلاء النعمة ما يكون مع سلامة الدين والدنيا لأهلهما، فالسين بعد باء البلاء إشارة إلى أهل الصفاء كما ذكر. فإن قيل: ما الفرق بين بلاء المحنة وبلاء النعمة التي هي الرحمة وكلاهما السلامة في الدنيا والآخرة؟ قلنا: الفرق بينهما من وجهين:
أحدهما: أن بلاء المنحة وإن كانت السلامة ولكن يخلو بها صاحبها من المحنة.
إما في ابتداء أمره: كما كان حال إسماعيل ويوسف - عليهما السلام - ابتلاهما الله تعالى بالمحنة في حال عبادتهما فخلصهما منها بعد ذلك وأعطاهما النبوة والملك كما حكى الله تعالى عن يوسف عليه السلام:
رب قد آتيتني من الملك
[يوسف: 101].
أما في أثناء أحواله: كما كان لإبراهيم عليه السلام ابتلاه الله تعالى بذبح ولده ورميه في المنجنيق إلى نار نمرود حتى خلصه الله من ذبح الولد بعد التسليم عند الامتحان كقوله تعالى:
فلما أسلما وتله للجبين
[الصافات: 103]، وكقوله:
وفديناه بذبح عظيم
Bog aan la aqoon