Tawilat
التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي
Noocyada
وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذآ إفك قديم
[الأحقاف: 11].
ثم كرر الإخبار عن إصرارهم على الجحود مع وضوح الآيات من موسى عليه السلام وغلوهم في حب العجل بقوله تعالى: { ولقد جآءكم موسى بالبينات } [البقرة: 92]، الآيتين والإشارة فيهما أن الأنبياء - عليهم السلام - يدعون العباد إلى التوحيد وإقرار العبودية عن كل مشهود ومحدود ومعدود، ولكنهم لم يحتجوا إلا بعبادة ما لا يليق بقصر نظرهم وخسة همتهم، فقوم عبدوا الصنم وقوم عبدوا الهوى، وقوم عبدوا الدنيا، وإنهم قد ظلموا على أنفسهم بوضعهم عبادتها في غير معبودا مع أن الله تعالى أخذ ميثاقهم بعبوديته من غير شرك، ورفع فوقهم طور الأمانة التي عرضها وحملها الإنسان في الميثاق الأول، وقال: { خذوا مآ ءاتينكم } [البقرة: 93]، من خطاب
ألست بربكم
[الأعراف: 172]، { بقوة } [البقرة: 93]، بشوق وصدق في جواب بلى { واسمعوا } [البقرة: 93]، الخطاب يسمع الإجابة في الثبات على العبودية { قالوا سمعنا } [البقرة: 93]، اجبنا بقولهم بلى { وعصينا } [البقرة: 93] أي: بالثبات والاستقامة { وأشربوا في قلوبهم } [البقرة: 93]، حب عجل الدنيا { بكفرهم } [البقرة: 93]، بزلة أقدامهم عن صراط مستقيم العبودية بالميل إلى الدنيا وحب الدنيا رأس كل خطيئة، كما أن الكفر رأس كل خطيئة { قل بئسما يأمركم به إيمانكم } [البقرة: 93]، أن تعبدوا عجل الدنيا { إن كنتم مؤمنين } [البقرة: 93]، حقيقة لا مجازا بالرسم والعادة فإن من علامة الإيمان ما أخبر عنه حارثة حين
" سأله النبي صلى الله عليه وسلم كيف أصبحت؟ قال: أصبحت مؤمنا حقا قال: إن لكل حق حقيقة فما حقيقة إيمانك؟ قال: عزفت نفسي عن الدنيا فأظمأت نهارها وأسهرت ليلها واستوى عندي ذهبها ومدرها، وكأني أنظر إلى أهل الجنة يزاورون وإلى أهل النار يتضاغون وكأني أنظر إلى عرش ربي بارزا، فقال: أصبت فألزم ".
[2.94-99]
ثم أخبر عن كمال جهلهم وغرورهم إن اليهود ادعوا الاختصاص عن الله تعالى بالأشياء، فكذبهم الله تعالى بقوله: { قل إن كانت لكم الدار الآخرة } [البقرة: 94]، إلى قوله { والله بصير بما يعملون } [البقرة: 96] والإشارة في تحقيق الآيات أن من علامات الاشتياق تمني الموت على بساط العوافي، ومن وثق أن الجنة له فلا محب له ليشتاق إليها، وفيه معنى آخر وهو من أمارة أن يكون المرء من أهل الجنة تمنيه الموت لقوله تعالى: { فتمنوا الموت } [البقرة: 94]، قال عقيب ادعائهم أنهم أهل الجنة بفاء التعقيب يعني { إن كنتم صادقين } [البقرة: 94]، موقنين من أهل الجنة حقيقة، فتمني الموت يكون بوصف حالكم.
ثم قال تعالى: { ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم } [البقرة: 95]، من سوء الأفعال والأقوال والأحوال؛ يعني: أن لا يكون تمني الموت من نتائج معاملات السوء التي توجب النار، وفيه إشارة إلى النار باب علوم الظاهر المنكرين على أرباب علوم الباطن يزعمون أنهم من أهل النجاة والدرجات دون الأئمة المحققين، فجعل الله تعالى أمارة أهل النجاة السلامة من الحياة الدنيا وتمني الموت، وهذا وصف حال السالك الصادق والمحقق العاشق، كما قال بعضهم:
أقتلوني يا ثقاتي
Bog aan la aqoon