Tafsiirka Quraanka ee Dhibka leh

Ibn Qutaybah d. 276 AH
146

Tafsiirka Quraanka ee Dhibka leh

تأويل مشكل القرآن

Baare

إبراهيم شمس الدين

Daabacaha

دار الكتب العلمية

Goobta Daabacaadda

بيروت - لبنان

باب تكرار الكلام والزّيادة فيه وأما تكرار الأنباء والقصص، فإنّ الله ﵎ أنزل القرآن نجوما في ثلاث وعشرين سنة، بفرض بعد فرض: تيسيرا منه على العباد، وتدريجا لهم إلى كمال دينه، ووعظ بعد وعظ: تنبيها لهم من سنة الغفلة، وشحذا لقلوبهم بمتجدّد الموعظة، وناسخ بعد منسوخ: استعبادا له واختبارا لبصائرهم. يقول الله ﷿: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا (٣٢) [الفرقان: ٣٢] . الخطاب للنبي، ﷺ، والمراد بالتثبيت هو والمؤمنون. وكان رسول الله، ﷺ، يتخوّل أصحابه بالموعظة مخافة السآمة عليهم «١»، أي يتعهّدهم بها عند الغفلة ودثور القلوب. ولو أتاهم القرآن نجما واحدا لسبق حدوث الأسباب التي أنزله الله بها، ولثقلت جملة الفرائض على المسلمين، وعلى من أراد الدخول في الدين، ولبطل معنى التنبيه، وفسد معنى النسخ، لأن المنسوخ يعمل به مدة ثم يعمل بناسخه بعده. وكيف يجوز أن ينزل القرآن في وقت واحد: افعلوا كذا ولا تفعلوه؟. ولم يفرض الله على عباده أن يحفظوا القرآن كلّه، ولا أن يختموه في التعلم، وإنما أنزله ليعملوا بمحكمه، ويؤمنوا بمتشابهه، ويأتمروا بأمره. وينتهوا بزجره: ويحفظوا للصلاة مقدار الطاقة، ويقرؤوا فيها الميسور. قال الحسن: نزل القرآن ليعمل به، فاتخذ الناس تلاوته عملا. وكان أصحاب رسول الله، ﷺ، ورضي عنهم- وهم مصابيح الأرض وقادة الأنام ومنتهى العلم- إنما يقرأ الرّجل منهم السورتين، والثلاث، والأربع، والبعض والشّطر

(١) لفظ الحديث: عن عبد الله بن مسعود، قال: كان رسول الله ﷺ يتخوّلنا بالموعظة مخافة السآمة علينا. أخرجه البخاري في العلم باب ١١، ١٢، ومسلم في المنافقين حديث ٨٢، ٨٣، والترمذي في الأدب باب ٧٢، وأحمد في المسند ١/ ٣٧٧، ٣٧٨، ٤٢٥، ٤٢٧، ٤٤٠، ٤٤٣، ٤٦٢، ٤٦٥، ٤٦٦. [.....]

1 / 148