Ta'wil al-Da'im
تأويل الدعائم
Noocyada
وأما ما جاء أنهم رخصوا فيه من نجو كل ما يؤكل لحمه وبوله وطهارة ذلك ما لم يكن ذلك الحيوان يأكل النجاسات فإن أكلها كان نجوه وبوله نجسا فمثل ذلك أن أمثال ما يؤكل لحمه من الحيوان أمثال المؤمنين والنجو والبول فإنهما فضول الطعام والشراب الباقية بعد صفوهما وجوهرهما الذي تغتذى به الأبدان فإن مثل الغذاء الذي هو الطعام والشراب مثل العلم والحكمة اللذين هما غذاء الأرواح كما أن الطعام والشراب غذاء الأبدان فإذا كان المؤمن قد أفاد علما وحكمة عن حقيقته وانتفع بصفوهما لم يكن كدر ذلك وما التبس منه عليه يفسد ظاهر غيره إذا أصابه ولا يحل لغيره ولا ينبغى استعماله وإن لم يكن نجسا كما لا يحل ولا ينبغى أكل روث ما يؤكل لحمه ولا شرب بوله ولا استعماله إلا من أجل علة التداوى به وكذلك مرخص فى ذلك فى الباطن أن يستشفى بمثل ذلك ويتعالج به من اضطر إليه وإن كان من صار إلى دعوة الإيمان قد تعلم علما من علم أهل الباطل كان ما أصاب منه[1] ظاهر غيره أو باطنه نجسا كما يكون نجوا لجلالات من البهائم وبولها ولحمها ولبنها وبيض الطير منها حراما نجسا وهى التى تأكل العذرة والأنجاس حتى تعزل عن ذلك وتحبس على العلف الطاهر. وسنذكر القول فى ذلك بتمامه عند ذكر الأطعمة إن شاء الله تعالى.
وأما ما رخصوا فيه من طين المطر ما لم تغلب عليه النجاسة والتغير، فالطين ماء وتراب ومثل الماء مثل العلم ومثل التراب مثل المؤمنين، ولذلك قيل لعلى صلى الله عليه وسلم أبو تراب لأنه أب للمؤمنين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فالماء إذا خالطه التراب كان طينا وكذلك العلم إذا خالط المؤمنين كان ذلك مثله ومنه قول الله تعالى:@QUR07 «ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين» [2]، يعنى خلق الدين وكذلك أيضا خلقه فى الظاهر إنما يكون عن الغذاء من النبات الذي يغتذى بالماء والتراب فالعلم المخالط للمؤمنين الذي فيه يتفاوضون ما لم يغيره علم أهل الباطل فهو طاهر وإن خالطه فغيره علم الباطل فهو مثل الطين الذي قيل ذلك فيه فإن غلب عليه التراب واستهلك ما فيه من النجاسة طهر أعنى الطين المتغير بالنجاسة ولذلك قالوا الأرض يطهر بعضها بعضا.
Bogga 112