وطبقات فمنهم البارع فيه المستفيد والمتوسط والمقصر على حالات كثيرة وذلك مثل ما ذكرناه مما يجب من اطراح ظاهر المخالفين الذين[1] أثبتوه للأمة بآرائهم وقياسهم وأهوائهم وأخذ ظاهر الدين عن أولياء الله الذين صار إليهم عن رسوله صلى الله عليه وسلم فعلم ذلك منكم من علمه وتخلف من تخلف فيه فلم ير ولى الله حبس السابقين منكم على المتخلفين فبسط لكم بعد ذلك حدا من حدود الدين وهو حد الرضاع الباطن أثبت لكم فيه أصول التأويل وجاء فيه برموز من الباطن وبعض التصريح ليكون ذلك مقدمة من العلم تثبت فى القلوب على حسب الواجب فى ذلك وأقامكم عليه مدة حولين كما ذلك واجب الرضاع فى الظاهر فكنتم أيضا فيه على سبيل ما كنتم فى الحد الذي قبله من السبق والتخلف فلم ير أيضا ولى الله حبس السابقين منكم على المتخلفين، وبسط لكم هذا الحد وهو حد التربية وهذا المجلس ابتداؤه وابتداؤكم من ذلك بتأويل ما فى كتاب الدعائم من أوله إلى آخره لتعلموا باطن ما افترض الله تعالى عليكم العمل بظاهره وتعبدكم بعلمه من حلاله وحرامه وقضايا دينه وأحكامه فمن لقن ذلك وبرع فيه فهو بمنزلة من بلغ النكاح وأنس رشده واستحق قبض ماله والتصرف فيه كما يتصرف الجائز الأمر فى ماله ولم يقصر به ولى الله عن الواجب له ومن تخلف عنه كانت سبيله سبيل من يولى عليه أن يؤنس منه الرشد وذلك لأنه الحد الثالث كما سمعتم وبعد الحد الثالث من الولادة فى الظاهر يكون حد البلوغ فيه للمولود لأنه يكون مولودا يصلح ظاهر بدنه كما ذكرنا ثم رضيعا يغذى باللبن ثم صبيا إذا فطم ثم يبلغ الحلم بعد ذلك والله يجرى الجميع بلطفه على ما يرضاه ويرضى وليه بحوله وقوته وفضله عليهم ونعمته إن شاء الله ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وأول ما ذكر فى كتاب دعائم الإسلام من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
لتسلكن سبل الأمم قبلكم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه» فهو حديث مشهور عنه صلى الله عليه وسلم يرويه الخاص والعام.
وجاء أيضا عنه مثله وهو قوله: «لتركبن سنن من كان قبلكم ذراعا بذراع وباعا يباع حتى لو سلكوا خشرم دبر لسلكتموه» فالخشرم مأوى الزنابير وهو ثقب تبنيه من الطين شبيه بثقب النحل الذي تبنيه من الشمع تفرخ فيه كما تفرخ النحل فى
Bogga 49