255

الذي هو يصلى فيه أو على كمه أو على كور عمامته فذلك ظاهر الصلاة لا ينبغى كما تقدم القول به من الأمر بإخراج المصلى كفيه من كميه ومباشرته بباطنهما وبجبهته ما يسجد عليه وأن ذلك من حدود الصلاة وباطن الكفين من المساجد فتأويل ذلك هو ألا يجعل المطيع لإمامه طاعة أحد يستعمل طاعته من دونه من قبل نفسه كما يكون الكم الذي يسجد عليه المصلى والثوب الذي يصلى فيه والعمامة التى يسجد على كورها من ذاته ومما يستعمله فى صلاته يقوم به ويقصد ويركع به ويسجد ويتشهد وليس ذلك بمنزلة ما هو بائن عنه مما يسجد عليه من البسط والثياب وغير ذلك وإنما يجب طاعته من أمر الإمام بطاعته لا من يقيمه المطيع من ذاته وكور العمامة ما دار منها على الرأس يقال منه كور الرجل عمامته إذا لاثها على رأسه أى أدارها عليه فإذا أدار ذلك على جبهته حتى يكون إذا سجد لم يصب منها ما يسجد عليه شيء وغطت ذلك العمامة لم يجز ذلك فى ظاهر الصلاة وكذلك لا يجوز فى باطنها وتأويله على ما ذكرناه وكان مثل الساجد على كمه أو بعض ثوبه الذي يصلى فيه وعلى كور عمامته كمثل من اتخذ وليا من دون الله ودون أوليائه أوجب طاعته على نفسه وذلك مثل السجود على ذلك.

ويتلو ذلك ما جاء عن سؤال السائل جعفر بن محمد صلى الله عليه وسلم عن الصلاة على كدس الحنطة، فنهى عن ذلك فقيل له فإذا افترش فكان كالسطح فقال عليه الصلاة والسلام لا يصلى على شيء من الطعام إنما هو رزق الله لخلقه ونعمته عليهم فعظموه ولا تطئوه ولا تستهينوا به فإن قوما ممن كان قبلكم وسع الله عليهم فى أرزاقهم فاتخذوا من الخبز النقى أمثال الأفهار فجعلوا يستنجون بها فابتلاهم الله بالسنين والجوع فجعلوا يتتبعون ما كانوا يستنجون به من ذلك الخبز فيأكلونه ففيهم نزلت هذه الآية:@QUR024 «وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون» [1] فالطعام كما جاء فى هذا الباب وقد تقدم القول بذلك مما لا يجب الوقوف عليه ولا الصلاة ولا السجود عليه ومثل الطعام فى التأويل مثل العلم والحكمة لأن الطعام فى الظاهر به حياة الأجسام الظاهرة وبه تتغذى وتنمو وكذلك بالعلم والحكمة تحيا النفوس وتنمو فليس ينبغى أن يستهان بظاهر ذلك وبباطنه لأن ظاهره وباطنه نعمة من نعم الله وفضل من فضله يجب على المؤمنين تعظيم ذلك وإجلاله

Bogga 301