182

بغائبه إذا قدم عليه فالتبشبش التفعل من البشاشة فى اللغة، والعرب تقول فى لغتها بشبشت بالرجل بشا وبشاشة ورجل بش والبش عندهم اللطف فى المسائل والإقبال على الصديق عند لقائه وهذا هو فعل أفاضل الدعاة إذا لقوا من غاب عنهم من أهل دعوتهم المؤمنين، وإذا كانت عمارة مجالس الدعوة من الواجب على المؤمنين ومما فيه الفضل لمن فعله وإخرابها مكروه منهى عنه فمثل ذلك يجب ويجرى فى ظاهرها التى هى المساجد الظاهرة من غير أن يطلق القول عليها بما جرى فى الخبر من أنها تحنن[1] وتلفظ وهى من الجماد الذي لم يجعل الله ذلك فيه ويستحيل ذلك فى العقول وإن كان الله قادرا عليه ويجعله آية إذا شاء وليس يخرج ذلك ولا غيره عن قدرته ولكنه لم يجر ذلك لخلقه فيكون أحد منهم رأى مسجدا فى الظاهر يشكو الخراب ولا يبش بمن يأتيه من العمار كما يكون مثل ذلك من الإنسان الناطق فتبين ذلك أنه مثل مضروب فافهموا تأويل الأمثال أيها المؤمنون فإن الله يقول:@QUR08 «وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون» [2]، ولقد أنصف فى القول بعض رؤساء العوام فقال ما قرأت هذه الآية من قول الله إلا علمت أنى لست من أهل العلم إذا كنت لا أعقل الأمثال التى ضربها الله فى كتابه، وقد فتح الله تعالى لكم فى تعليم ذلك فاعقلوا ما علمكم وخذوه بقوة كما أمركم واشكروه يزدكم من فضله كما وعدكم جعلكم الله ممن تعلم ما علم وأوقف عليه وشكر[3] على ما أعطى وأزدى إليه.

وصلى الله على محمد نبيه وعلى الأئمة الصادقين من ذريته الطاهرين وسلم تسليما.

المجلس الخامس من الجزء الرابع: [فى ذكر المساجد]

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الواحد الذي ليس كآحاد العدد، العظيم الذي لا يوصف بتجسيم جسد، وصلى الله على من اهتدى به كل مهتد من ضلاله، محمد صلى الله عليه وسلم رسوله والأئمة المهديين من آله. وإن ما يتلو ما تقدم مما سمعتموه من تأويل المساجد وما قيل فيها قول على صلى الله عليه وسلم: الجلوس فى المساجد[4] رهبانية العرب والمؤمن مجلسه مسجده وصومعته بيته فظاهر ذلك الأمر والترغيب فى

Bogga 228