وَعَقَلَ عَنِ اللَّهِ أَنَّ قَوْلَهُ: ﴿كُنْ﴾ [البقرة: ١١٧] لَوْ كَانَ خَلْقًا - عَلَى مَا زَعَمَتِ الْجَهْمِيَّةُ الْمُفْتَرِيَةُ عَلَى اللَّهِ - كَانَ اللَّهُ إِنَّمَا يَخْلُقُ الْخَلْقَ، وَيُكَوِّنُهُ بِخَلْقٍ، لَوْ كَانَ قَوْلُهُ: ﴿كُنْ﴾ [البقرة: ١١٧] خَلْقًا، فَيُقَالُ لَهُمْ: يَا جَهَلَةُ؛ فَالْقَوْلُ الَّذِي يَكُونُ بِهِ الْخَلْقُ عَلَى زَعْمِكُمْ لَوْ كَانَ خَلْقًا ثُمَّ يُكَوِّنُهُ عَلَى أَصْلِكُمْ، أَلَيْسَ قَوَّدَ مَقَالَتَكُمُ الَّذِي تَزْعُمُونَ أَنَّ قَوْلَهُ: ﴿كُنْ﴾ [البقرة: ١١٧] إِنَّمَا يَخْلُقُهُ بِقَوْلٍ قَبْلَهُ؟ وَهُوَ عِنْدَكُمْ خَلْقٌ وَذَلِكَ الْقَوْلُ يَخْلُقُهُ بِقَوْلٍ قَبْلَهُ، وَهُوَ خَلْقٌ، حَتَّى يَصِيرَ إِلَى مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ وَلَا عَدَدَ، وَلَا أَوَّلَ، وَفِي هَذَا إِبْطَالُ تَكْوِينِ الْخَلْقِ، وَإِنْشَاءِ الْبَرِيَّةِ، وَإِحْدَاثِ مَا لَمْ يَكُنْ قَبْلَ أَنْ يُحْدِثَ اللَّهُ الشَّيْءَ، وَيُنْشِئَهُ وَيَخْلُقَهُ وَهَذَا قَوْلٌ لَا يَتَوَهَّمُهُ ذُو لُبٍّ، لَوْ تَفَكَّرَ فِيهِ، وَوُفِّقَ لِإِدْرَاكِ الصَّوَابِ وَالرَّشَادِ