وهذا ما فعله بعض علماء الزيدية المتأخرين في مسألة الضم والإرسال، وكان العلامة محمد بن إسماعيل الأمير من أكثر هم المتحمسين لإلزام الزيدية بفعل الضم في الصلاة، فقد قال في بحث له سماه: (المسائل الثمان)، ما لفظه: "الضم هو مذهب زيد بن علي، وأحمد بن عيسى حفيده، قال في (البحر): قال زيد وأحمد ين عيسى إن وضع اليد على اليد بعد التكبيرة مشروع، استوفى الهادي دليل هذا القول وكان يذهب إليه ، وقد عد رواته في ضوء النهار من عشرين طريقا، فإذا كان مذهب زيد بن علي تعين على من يدعي أنه زيدي المذهب أن يفعله في صلاته وإلا فليس بزيدي" أه.
وقد اخترت كلام العلامة الأمير للتعليق عليه هنا؛ لأن مخالفي الزيدية في هذه المسألة يروجون له كثيرا، وفيه من الأوهام ما لا بد من الكشف عنه.
أما نسبة الضم إلى الإمام زيد، فلا بد من التنبيه هنا على أن ما يذكر عن الإمام زيد من القول بمشروعية الضم مصدره الإمام المهدي أحمد بن يحيى المرتضى(1)، وهو إنما أراد أن الإمام زيد يرى أن الصلاة لا تفسد بفعله، لا أنه كان يفعله، ويؤكد ذلك أن الغمام المهدي أورده مقابل القول بأن الضم يبطل الصلاة.
وقد يحتج بعض الناس على اعتبار الضم مذهبا للإمام زيد بما ورد في (مسنده)، ولفظه: "قال أبو خالد رحمه الله: حدثني زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي عليهم السلام، أنه قال: ثلاث من أخلاق الأنبياء تعجيل الإفطار، وتأخير السحور، ووضع الكف على الكف تحت السرة )(2).
وقد استشهد بهذه الرواية على شرعية الضم كل من الإمام محمد بن المطهر في (المنهاج الجلي) (3). والعلامة السياغي في (الروض النضير) (4).
ولكن أكثر الزيدية ينكرون أن يكون فعل الضم مذهبا للإمام زيد، ويقولون: إن ما ورد في (المسند) لا يدل عليه، لعدة أمور:
Bogga 7