حتى التوحيد وضده وفروض وضوئه وصلاته وما يبطلهما لا يعلمه بل هو منهمك في القول والقيل بلا فائدة ولا عائدة، وعلى ترك ضدها المنافي لها وهو الشرك الذي قال الله: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} وإزالة صائر ما هو تابع لها من زنا وربا وشرب خمر ولواط وسائر المحرمات ومع ذلك نحن لا نكفر بالمعاصي كما توهمه مطيعو العدو وإنما نكفر المشركين الذين كفرهم الله في كتابه المبين أو الراضين أعمالهم المظاهرين لهم علينا والمكفرينا بأمرنا ونهينا لقوله تعالى: {إنكم إذا مثلهم} ونقاتلهم عليه وعلى سائر أفعال المعروف المتروكة.
الثاني: النصيحة لهذا الوزير الذي هو عندنا في محل، حرصا عليه وشفقة منا إليه لودنا له ما وددنا لأنفسنا من أنواع الخير، فيتأمل ويعمل ورجاء أن الله يهدي به خلقا كثيرا كما قال صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه: "والله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم" وليتأمل أيضا ببصيرة قلبه خير القرون الماضية وأهلها الذين قال عنهم النبي صلى الله عليه وسلم: "خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم" والقول بأنا لا نقدر على ذلك ليس بعذر سديد لأن الله قال: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} وقال تعالى: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} وقال صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار" وليس له صلى الله عليه وسلم طريق ولأصحابه آخر، ولا لأصحابه طريق ولنا آخر، بل الطريق الذي فطر الله عليه الأمة وأمرها إتباعه واحد، فالنبي صلى الله عليه وسلم يتقدمنا فيه ونحن نقتفي أثره وأثر أصحابه كما كان عليه السلف الصالح، والدنيا فانية مفروغ منها والأمر أسرع من ذلك والعز بأنواعه لم يوجده الله إلا في الإسلام والإقامة عليه، والذل والصغار والمحق في ضده {قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى} (صدر منه الأمر الواجب القبول والإتباع وأشار إلى وإشارته حكم وطاعته غنم فامتثالا لأمره نظرنا فيه) صدر أي مضى من هذا الوزير الأمر لعلماء مملكته لينظروا في هذا الكتاب، والله أعلم بنيته، الواجب القبول والإتباع صفتان للأمر ولا شك أن طاعة الأمير واجبة لكن في غير المعصية.
Bogga 30