218

Tawdih Can Tawhid

التوضيح عن توحيد الخلاق في جواب أهل العراق وتذكرة أولي الألباب في طريقة الشيخ محمد بن عبد الوهاب

Daabacaha

دار طيبة، الرياض، المملكة العربية السعودية

Lambarka Daabacaadda

الأولى، 1404هـ/ 1984م

في الحلال والحرام لا يصرفن إلى الباطل ولا يخرجن عن الحق ولهذا قال تعالى: {فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه} أي الذين في قلوبهم ضلال وخروج عن الحق إلى الباطل إنما يأخذون منه بالمتشابه الذي يمكنهم أن يحرفوه إلى مقاصدهم الفاسدة لاحتمال لفظه إلى ما يصرفونه إليه.

فأما المحكم فلا نصيب لهم فيه، ولا سبيل لهم إليه، لأنه دافع لهم وحجة عليهم، ولهذا قال ابتغاء الفتنة التي هي الشرك والإضلال بالبدع وسائر المحظورات.

ومنها أيضا ما استأثر الله بعلمه فلا سبيل لأحد إلى علمه، نحو الخبر عن أشراط الساعة من خروج الدجال، ونزول عيسى ابن مريم، وطلوع الشمس من مغربها، وقيام الساعة، وفناء الدنيا، ونزول المطر، والرحمة، والعذاب والشدة، والراسخ في العلم يقول في متشابه التنزيل آمنا به كل من عند ربنا، فان وجد ما ظاهره يخالف المكم رد الفرع إلى أصله وعرف حقيقة قوله تعالى منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات، وان المتشابهات لا يخالفن المحكمات في التوحيد ولا في الأمر والنهي والوعد والوعيد، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم " فيفسر المشابه بأم الكتاب فان بعض الآيات تظهر للجاهل معنى غير مراد فيعجزه عن فهم معناها المراد ويحملها على ما تميل إليه نفسه من الهوى والعناد فرده الراسخ إلى أم الكتاب، فمن ذلك قوله تعالى أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فهذه الآية يشعر ظاهرها الأمر بالفسق، ويفسرها قوله تعالى: {إن الله لا يأمر بالفحشاء} وقوله {وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي} ، فمثل هذه الآيات المحكمات هن أم الكتاب ومنه قوله تعالى: {إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون} ربما فهم منه تقرير هذه الملل ما لم يرده إلى محكمه. وهو قوله: {قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا} وقوله: {وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه} والله سبحانه ذكر أهل الكتاب وما ارتكبوا من قبائح الذنوب الموبقة ثم قال: {لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك} فمن لم يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم من قوم أي رسول لم يؤمن برسوله قال تعالى: {كذبت قوم نوح المرسلين} ومن آمن برسوله آمن بكل رسول كما أمر

Bogga 192