Tawdih Ahkam
توضيح الأحكام شرح تحفة الحكام
Noocyada
يعني أن من قام لدى القاضي بدعوى دين مثلا على آخر فأجاب المدعى عليه بالإنكار فلما استظهر المدعي بالبينة ورأى المدعى عليه من نفسه العجز عن الطعن فيها أو تذكر أن له بينة عليه في ذلك رجع عن إنكاره واعترف بالدين وادعى أنه كان قضاه له وله بينة تشهد بذلك فالعمل على عدم سماع بينته على الأشهر لكونه أسقطها بإنكاره ولأن كل من اضطرب كلامه وتناقضت مقالته سقطت دعواه وحجته إذ لا فرق في هذا بين المدعي والمدعى عليه. وظاهر النظم أن بينته لا تنفعه مطلقا سواء كان عالما بأن ذلك يضره أو لا وسواء نفى أصل المعاملة أو نفى الدين فقط وسواء كانت لدعوى في الأصول والحدود أو في غيرهما وليس كذلك بل المسألة فيها تفصيل (ففي) الحطاب عند قول صاحب المختصر وإن أنكر القبض فقامت البينة فشهدت بينة بالتلف ما نصه قال ابن فرحون في الباب السادس والخمسين من القسم الثاني من تبصرته من ادعى على رجل دينا من سلف أو قراض أو وديعة أو بضاعة أو رسالة أو رهن أو عارية أو هبة أو صدقة أو حق من الحقوق فجحد أن يكون عليه شيء من ذلك فلما خاف أن تقوم عليه البينة أقر وادعى فيه وجها من الوجوه يريد إسقاط ذلك عن نفسه لم ينفعه ذلك وإن قامت له البينة على ما زعم أخيرا لأن جحوده أولا أكذب البينة فلا تسمع وإن كانوا عدولا (تنبيه) وكذلك الحكم أن لم يقر ولكن قامت بذلك بينة فأقام هو بينة أيضا على رد السلف أو الوديعة أو القراض أو البضاعة أو الرسالة أو على هلاك ذلك فلا ينفعه لأنه بإنكاره مكذب لذلك كله هذا قول الرواة أجمعين ابن القاسم وأشهب وابن وهب ومطرف وابن الماجشون (فرع) وأما أن قال ما لك علي سلف ولا ثمن سلف ولا لك عندي وديعة ولا قراض ولا بضاعة فلما ثبت وذلك قبله بالبينة أقر بذلك وزعم أنه رد الوديعة والسلعة أو غير ذلك مما يدعى عليه أو # ادعى هلاكه وأقام على ذلكبينة فههنا تنفعه البراءة لأن قوله ما لك شيء يريد في وقته هذا وأما في الصورة الأولى إذا قال ما أسلفتني ولا أودعتني فليس مثل قوله هنا ما لك علي سلف (قال) ابن حبيب وهذا مما لا أعلم فيه خلافا عند الرواة إلا أني رأيت في كتاب الأقضية من السماع شيئا يخالف هذا وأظن له وجها يصحح معناه أن شاء الله وذلك أنه سئل مالك عن رجل بعث معه رجل بعشرين دينارا يبلغها إلى الجار والجار موضع وكتب إليه كتابا وأشهد عليه عند دفعه إليه فحمل الكتاب وبلغه إلى من أرسل إليه فلما قرأه سأله عن الذهب فجحده إياه ثم أنه قدم المدينة فسأله الذي أرسل معه الذهب وقال له أني أشهدت عليك فقال له أن كنت دفعت إلي شيئا فقد ضاع فقال مالك ما أرى عليه إلا يمينه وأرى هذا من مالك إنما هو في الجاهل الذي لا يعرف أن الإنكار يضره وأما العالم الذي يعلم أنه يضره ثم يندم عليه بعد ذلك فلا يعذر من كتاب الرعيني اه كلام ابن فرحون وهذا كله كلام الرعيني في كتاب الدعوى والإنكار غير أن الرعيني زاد بعده ورأيت لابن مزين لفظة أنه قبل بينة على القضاء وإن جحدوه وقال ما أسلفتني قط شيئا والأول أصوب أن شاء الله. وفي مسائل العيوب من البرزلي فيمن قيم عليه بعيب فأنكر البيع فلما ثبت عليه زعم أن المشتري اعتمر وعرض للبيع بعد اطلاعه على العيب فقال هاشم بن محمد هذا تناقض لأنه كذب بينته قلت هذه المسئلة تجري على مسئلة من طولب بشيء فأنكره وأقيمت عليه البينة فأتى بحجة توجب قبول قوله وفيها خلاف مشهور في المدونة من مسئلة اللعان والتخيير والوديعة وغيرها حكاه ابن رشد وغيره انتههى وادعى ما يسقط ذلك فلا تسمع دعواه ولا بينته ولو كانت بينة عادلة بخلاف ما إذا قال ما لك علي سلف ولا وديعة ولا قراض أو قال ما لك عندي حق ثم أقر بعد ذلك أو قامت عليه البينة فادعى ما يسقط ذلك فإنه تسمع دعواه أو بينته وقد صرح بذلك في رسم أسلم من سماع عيسى من كتاب الدعوى والصلح وبذلك صرح المصنف # في باب الأقضية وإن أنكر مطلوب المعاملة فالبينة ثم لا تقبل بينة بالقضاء بخلاف لا حق لك علي انتهى وينبغي أن يقيد ذلك أيضا بما قاله الرعيني وهو أن يكون المدعى عليه يعرف أن الإنكار يضره وأما أن كان يجهل ذلك ولا يفرق بين قوله ما أسلفتني وما أودعتني وبين قوله ما لك عندي سلف ولا وديعة فيعذر بالجهل إلا إذا حقق عليه وقدر عليه وقيل له أنت تنكر هذا أصلا فإذا قامت عليه البينة فلا تسمع بينتك فإذا استمر على ذلك فحينئذ لا تسمع بينته وينبغي أن يقيد ذلك بغير الحدود والأصول لأن هذا قول ابن القاسم وابن كنانة انتهى قال الشدادي وبهذا القيد جرى العمل وفي جواب لأبي القاسم السيوري اختلاف قول المؤتمن يوجب ضمانه لما اؤتمن عليه كما في وكالات الحاوي. وقول الناظم كغيره كذبهم يعني بالتضمن لا بالتصريح لأن بينة القضاء تتضمن الإقرار بالمعاملة التي تفرع القضاء عنها وإنكاره المعاملة أو لا تكذيب لبينة القضاء وقال بعضهم المراد بتكذيب البينة إسقاطها بالإعراض عنها أولا فإذا استظهر بها في نازلة أخرى فإنها تقبل فلو قال الناظم بدل كذبهم أسقطهم لكان أظهر. واعلم أن الخلاف الجاري بين أهل المذهب في المسئلة مبني على قاعدة وهي مضمن الإقرار وهل هو كصريحه أولا فمن قال هو كصريحه أسقط دعواه وبينته إذا انتقل من الإنكار إلى الإقرار وادعى الخلاص أو الضياع ومن قال مضمن الإقرار ليس كصريحه قال ينفعه ذلك ولا يضره الانتقال من الإنكار إلى الإقرار وإذا أردت بسط المسئلة فانظرها في شرح المنجور على الزقاقية الأصلية وقد علم مما تقدم أن المعول عليه من الخلاف هو التفصيل المذكور (والثالثة) قوله
(وفي ذوي عدل يعارضان ... مبرزا أتى لهم قولان)
(وبالشهيدين مطرف قضى ... والحلف والأعدل أصبغ ارتضى)
(وقدم التاريخ ترجيح قبل ... لا مع يد والعكس عن بعض نقل)
Bogga 126