206

Tawdih Sharh al-Jami' al-Sahih

التوضيح لشرح الجامع الصحيح

Baare

دار الفلاح للبحث العلمي وتحقيق التراث بإشراف خالد الرباط، جمعة فتحي

Daabacaha

دار النوادر

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م

Goobta Daabacaadda

دمشق - سوريا

Noocyada

رسول الله ﷺ: يقبض أصابعه ويبسطها. وليس اليد في الصفات بمعنى الجارحة حَتَّى يتوهم بثبوتها ثبوت الأصابع، فدل على أنه ﵇ هو الذي يقبض أصابعه ويبسطها، وذكر الأصابع لم يوجد في شيء من الكتاب والسنة المقطوع بصحتها؛ فإن قلت: قد ورد ذكر الإصبع في غير ما حديث كحديث الصحيحين، أنه ﵇ أتاه رجل من أهل الكتاب فقال: يا أبا القاسم، أَبَلَغَكَ أن الله تعالى يحمل السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، والثرى على إصبع، والخلائق على إصبع؟ فضحك رسول الله ﷺ حَتَّى بدت نواجده فنزل: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾. وحديث "الصحيحين" من طريق عبد الله بن عمرو أنه سمع رسول الله ﷺ يقول: "إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد، يصرفها حيث يشاء" ثم قال ﷺ: "اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك" ومثله كثير. فالجواب: أما إطلاق الجارحة هنا فمحال تقدس الله عن ذَلِكَ، وهو هنا بمعنى القدرة على الشيء، ويسر تقليبه، وهو كثير في كلامهم، فلما كانت السماوات والأرض أعظم الموجودات قدرًا، وأكثرها خلقًا، كان إمساكها بالنسبة إلى الله كالشيء الحقير الذي نجعله نحن بين أصابعنا، ونتصرف فيه كيف شئنا، فتكون الإشارة بقوله: "ثم يقبض أصابعه، ويبسطها، ثم يهزهن" كما في بعض ألفاظ مسلم. أي: هذِه في قدرته كالحبة (مثلًا) في كف أحدنا التي لا يبالي بإمساكها، ولا بهزها، ولا بحركتها، والقبض والبسط عليها، ولا يجد في ذَلِكَ صعوبة ولا مشقة، وقد تكون الإصبع في كلام العرب بمعنى:

1 / 215