153

وقد أصبح مظهره العام شاحبا، ووجهه متورما، وملابسه التي كانت تبدو أنيقة في الماضي أصبحت عرضة للإهمال في فترة حياته الأخيرة، وقد لطخت ببقايا الطعام الذي كان يتناوله بيد مرتعشة+(424).

وبعد هذا كله أقدم على الانتحار_كما مر قبل قليل_فذهب غير مأسوف عليه، بل كلما ذكر ذكر معه الإجرام، والتسلط، والجبروت.

خامسا: حال أهل الرياضة مع السعادة: الرياضة_وخصوصا كرة القدم_معشوقة الجماهير، ومحط أنظارهم.

ونجوم الرياضة لهم القدح المعلى من الشهرة وبعد الصيت في هذا العصر.

وكثير من الناس يظن أن نجوم الرياضة أسعد الناس؛ لما ينعمون به من الشهرة، وحب الجماهير، وربما طغيان الغنى.

والحقيقة المبصرة تقول غير هذا؛ فلو كشفت عن سالفة هؤلاء، وتبينت حقيقة أمرهم_لعلمت أنهم في واد والسعادة الحقة في واد؛ ولأدركت أن ما هم فيه من إظهار للسرور والبهجة أنها سعادة عابرة مؤقتة تخفي وراءها الآلام، والمتاعب والأتراح؛ ذلك أن اللاعب ينتقل من معسكر إلى معسكر، ومن استعداد لمباراة إلى استعداد لأخرى، ومن سفر إلى بلد إلى سفر آخر.

وهذه إصابة تقض مضجعه وتؤرق جفنه، وتلك صحافة تقذع في نقده، وتبالغ في سبه، أو التعريض به، وهذه اضطرابات تصيبه قبل كل مباراة، وتلك كآبة تخيم عليه عند كل هزيمة، وذلك جمهور لا يرحمه إذا لم يقم بدوره كما ينبغي، وهؤلاء حسدة يكيدون له ويتربصون به الدوائر، وذاك خوف وقلق من فقدان مكانته.

ثم ما حال ذلك النجم اللامع إذا انخفض مستواه، وما حاله إذا اعتزل أو اضطر إلى ذلك؟

إنه يلاقي كل كنود وجحود حتى من أقرب الأقربين إليه.

ثم كم يحرم من الأنس بأهله؟ وكم يحرم أهله منه؟

إذا فليست السعادة عند هؤلاء، وإن تظاهروا بها، وظن بعض الناس أنهم أحق الناس وأهلها، وإن كانوا_أيضا_متفاوتين في الشقاء وقلة السعادة.

Bogga 153