أنسٍ، وذكره ابن أبي الدنيا، قال: جاء رجل إلى النبي ﷺ فقال: يا رسول الله، أعقلها وأتوكل؟ أو أطلقها وأتوكل؟ قال: "اعقلها وتوكل" (١). فأثبت التوكل مع السبب، وهو عَقْلُها.
ويدل عليه ما رواه أحمد في المسند بإسناده عن أبي هريرة: إنكم تقولون: أكثر أبو هريرة عن النبي، والله الموعد، إنكم تقولون: ما بال المهاجرين لا يُحَدِّثون عن رسول الله بهذه الأحاديث، وما بال الأنصار لا يحدثون بهذه الأحاديث؟، وإن أصحابي من المهاجرين كانت تشغَلُهم صفقاتهم في الأسواق، وإن أصحابي من الأنصار كانت تشغَلُهم أرضُهم، والقيامُ عليها (٢).
وروى ابن أبي الدنيا بإسناده عن معاوية بن قرة (٣) أن عمر بن الخطاب لقي ناسًا من أهل اليمن فقال: من أنتم؟ قالوا: نحن المتوكلون. فقال: "بل أنتم المتَّكِلون؛ إنَّما المتوكل الذي يُلقي حَبَّةَ في الأرض ويتوكل على الله" (٤).
_________
(١) أخرجه: ابن أبي الدنيا في كتاب التوكل (رقم ١١) من طريق المغيرة بن أبي قرة عن أنس وأخرجه: الترمذي (رقم ٢٥١٧)، وأبو نعيم في الحلية (٨/ ٣٩٥)، قال العراقي في تخريج الإحياء (٤/ ٢٧٩): رواه ابن خزيمة في التوكل، والطبراني من حديث عمرو بن أمية بإسناد حسن. وحسنه الألباني كما في صحيح سنن الترمذي (رقم ٢٥١٧).
(٢) أخرجه: أحمد في مسنده (رقم ٧٢٧٣) والحديث متفق عليه، أخرجه البخاري (رقم ٢٣٥٠) ومسلم (رقم ٢٤٩٢).
(٣) أبو إياس المزني البصري ثقة، من فقهاء التابعين، روى عن: أبيه وابن عباس، وعنه: ابنه إياس القاضي وشعبة، وخلق (ت ١١٣ هـ) ﵀. له ترجمة في: مشاهير علماء الأمصار لإبن حبان (ص ٩٢) وتهذيب التهذيب لإبن حجر (١٠/ ١٩٥).
(٤) أخرجه: ابن أبي الدنيا في كتاب التوكل (رقم ١٠) والبيهقي في الشعب (٢/ ٨١) وقال: فيه انقطاع، فمعاوية ولد سنة ٣٧ هـ بينما توفي عمر سنة ٢٣ هـ.
قلت: له شاهد من حديث ابن عباس أنه قال: كان أهل اليمن يحجون، ولا يتزودون، ويقولون: نحن المتوكلون. فإذا قدموا مكة سألوا الناس، فأنزل الله: =
1 / 43