الراديو يؤكد أن ... وأن الخريف ... تزايدت الأغاني الهابطة هبوطا، وعمت البلاد الكبيرة لغة نيئة وخلق بليد. أرسل مايازوكوف خطابا بعد سنة كاملة من سفره إلى سوريا كتبت له في الرد: أظنك تقصد بغابة العرديب أحطاب العرديب، عمال السكة الحديدية يطالبون بزيادة الأجور، ترفض الحكومة مطالبهم فيضربون.
ماتت الأغنام، تراها متكومة على قارعة الطريق وعليها جيوش الذباب عند المزابل والخيران.
وكان الأطفال يقومون بحرق الحيوانات النافقة، وإذا لم ينتبه لهم الكبار أكلوا منها، الراديو يؤكد أن الأمطار آتية ثم تعزف الموسيقى العسكرية، أخذ الكبار يحرقون الحيوانات النافقة، نفق الفقراء بالوا في سراويلهم، عملوا بالدعارة، سرقوا، كذبوا، جمد العام الدراسي، سرح المعلمون والطلاب، فلاذ الأطفال بالنهر الضحل يصطادون الأسماك والسلاحف.
زوجي نور الدين يحاول السفر لدولة غنية بالبترول وغنية بالعزلة، أخذ الكبار يحرقون الحيوانات النافقة، وإذا لم يرهم الصغار أكلوا منها، اقتسم الصغار والكبار الجيف المحروقة، الراديو يؤكد أن هيئات الإغاثة العالمية في طريقها للبلاد.
الريح الحارقة الصفراء تهب من الشمال كالجحيم، أرسل مايازوكوف خطابا: ماذا تأكلون؟
كتبت له: نحن لم نجع بعد، جاع الفقراء في الريف والمدينة أيضا، فما زلنا نستطيع شراء الأطعمة المعلبة، كما أن لدينا شفاطا نسقي به مزرعتنا الصغيرة المتداعية مما تبقى من مياه النهر، وما زال بإمكاننا شراء اللحوم والكتب، وبإمكاننا أيضا قراءة الشعر.
نوار سعد تظهر فجأة في المحراب، قالت: إنها كانت بقرية والدها الذي نفقت حميره ونفقت كلابه، الذي مات بالتيفويد، قالت: لقد اشتقت إليكم وسأبقى معكم لأيام، وقد أذهب للبلاد المجاورة، فهذه البلاد ما عادت تصلح وطنا لإنسان، ولا ندري ماذا بعد المجاعة؟ ولا ندري ماذا بعد هذا القحط؟!
الغاردينيا
كنا نستيقظ عند الفجر
كنا نستيقظ عند الفجر، نحتسي القهوة بلبن الماعز، ثم يختلي كل منا بنفسه لزمن يشاؤه الفرد نفسه، ثم نرتدي ملابس العمل، ونخرج إلى المزرعة خلف المحراب على ضفاف النهر، نمشي فوق العشب الجاف عبر الأشجار اليابسة الرمادية التي تموء في حزن عندما تصطدم بها فتسقط فريعاتها الصغيرة على أكتافنا ورءوسنا، وما تبقى من أوراق صغيرة عجفاء لم تسقطها الريح، وذلك كمقاومة أخيرة للصمت.
Bog aan la aqoon