فيها بلاؤهم (١) .
فتوهم ثورتهم بأجمعهم بالرعب والفزع منك ومنهم. فتوهم نفسك بعُريك ومذلتك وانفرادك بخوفك وأحزانك وغمومك وهمومك في زحمة الخلائق، عراة حفاة، وهم صموت أجمعون بالذلة والمسكنة والمخافة والرهبة، فلا تسمع إلا همس أقدامهم والصوت لمدة المنادي، والخلائق مقبلون نحوه، وأنت فيهم مقبل نحو الصوت، ساعٍ (٢) بالخشوع والذلة. حتى إذا وافيت الموقف ازدحمت الأمم كلها من الجن والإنس عراة حفاة، قد نزع المُلك من مملوك الأرض ولزمتهم الذلة والصغار، فهم أذل أهل الجمع وأصغرهم خلقة وقدرًا بعد عتوهم وتجبُّرهم على عباد الله ﷿ في أرضه (٣) .
ثم أقبلت الوحوش من البراري (٤) وذُرى (٥) الجبال منكسة رؤوسها (٦) لذل يوم القيامة بعد توحشها وانفرادها من الخلائق، ذليلة ليوم النشور لغير بلية نابتها ولا خطية أصابتها. فتوهم إقبالها بذلها في اليوم العظيم ليوم العرض والنشور. وأقبلت السباع بعد ضراوتها وشهامتها، منكسة رؤوسها (٧) ذليلة ليوم القيامة حتى وقفت من وراء الخلائق بالذل والمسكنة والانكسار للملك الجبار. وأقبلت الشياطين بعد عتوها وتمردها خاشعة لذل العرض على الله سبحانه، فسبحان
_________
(١) هكذا صوب الكلمة (أ)، وكانت في أصله [بلاهم] .
(٢) هكذا صوب الكلمة (أ)، وكانت في أصله [ساعى] .
(٣) ﴿يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء لمن الملك اليوم لله الواحد القهار﴾ غافر /٤٠.
(٤) قال في المختار: البَرِيَّة الصحراء، والجمع البَرَارِي.
(٥) والذُّرَى جمع ذِرْوَة، وهي أعلى سنام البعير، وذِرْوة كل شيء أعلاه.
(٦) هكذا صوب الكلمة (أ)، وكانت في أصله [روسها] .
(٧) كسابقه.
1 / 10