ألم أرسل إليك رسولًا؟ فيقول: بلى، ثم ينظر عن يمينه فلا يرى إلا النار، ثم ينظر عن شماله فلا يرى إلا النار، فليتق أحدكم النار ولو بشق تمرة، فإن لم يجد فبكلمة طيبة " (١) .
١٩*- وقال: سمعت عبد الله بن مسعود بدأ باليمين قبل الحديث، فقال: (ما منكم من أحد إلا سيخلو (٢) الله ﷿ به، كما يخلو (٣) أحدكم بالقمر ليلة البدر، ثم يقول: يا ابن آدم ما غرك بي، يا ابن آدم ما عملت فيما علمت، يا ابن آدم ماذا أجبت المرسلين؟) (٤) .
٢٠*- وعن ابن مسعود أنه بدأ باليمين، فقال: (والله ما منكم من أحد إلا سيخلو (٥) به الله ﷿ كما يخلو (٦) أحدكم بالقمر ليلة البدر، ثم يقول: يا ابن آدم ما غرك بي، يا ابن آدم ما عملت لي، يا ابن آدم ما استحييت مني، يا ابن آدم ماذا أجبت المرسلين، يا ابن آدم ألم أكن رقيبًا على عينيك (٧) وأنت تنظر بهما إلى ما لا يحل لك؟ ألم أكن رقيبًا على أذنيك وأنت تستمع بهما إلى ما لا يحل لك؟ ألم أكن رقيبًا على لسانك وأنت تنطق بما لا يحل لك؟ ألم أكن رقيبًا على يديك وأنت تبطش بهما إلى ما لا يحل لك؟ ألم أكن رقيبًا على رجليك وأنت تمشى بهما إلى ما لا يحل لك؟ ألم أكن رقيبًا على قلبك وأنت تهم بما لا يحل لك؟ أم أنكرت قربي منك وقدرتي عليك؟) (٨) .
وأنت يا ابن آدم بين خطرين عظيمين: إما أن يتلاقاك برحمته ويتطول عليك بجوده،
_________
(١) أخرجه البخاري ح ١٤١٣ بإسناد له عن عدي بن حاتم يقول: كنت عند رسول الله ﷺ فجاءه رجلان أحدهما يشكو العيلة والآخر يشكو قطع السبيل فقال رسول الله ﷺ: " أما قطع السبيل فإنه لا يأتي عليك إلا قليل حتى تخرج العير إلى مكة بغير خفير، وأما العيلة فإن الساعة لا تقوم حتى يطوف أحدكم بصدقته لا يجد من يقبلها منه، ثم، ليقفن أحدكم بين يدي الله ليس بينه وبينه حجاب ولا ترجمان يترجم له، ثم ليقولن له: ألم أوتك مالًا؟ فليقولن: بلى. ثم ليقولن: ألم أرسل إليك رسولًا؟ فليقولن: بلى. فينظر عن يمينه فلا يرى إلا النار ثم ينظر عن شماله فلا يرى إلا النار، فليتقين أحدكم النار ولو بشق تمرة فإن لم يجد فبكلمة طيبة ".
والحديث أخرجه البخاري ح ٣٥٩٥، ٦٥٣٩، ٧٥١١، ومسلم ح١٠١٦، والترمذي ح٢٤١٥، وابن ماجة ح١٨٥، ١٨٤٣، وأحمد (٤/٢٥٦، ٣٧٧) وابن حبان (١٦/٣٧٣، ٣٧٤) ح٧٣٧٣، ٧٣٧٤، والبيهقي في الكبرى (٤/١٧٦) ح٧٥٣٣، (٥/٢٢٥) ح٩٩١٠، ٩٩١١، والطبراني في الكبير (١٧/٨٢، ٨٣) ح١٨٤: ١٨٨، (١٧/٩٤) ح٢٢٤، ٢٢٥، وفي الصغير (٢/١٣٦) ح٩١٧، والطيالسي في مسنده ص١٣٩ ح١٣٠٨، والبخاري في خلق أفعال العباد ص ٤٢.
وأخرجه مختصرًا البخاري ح ٧٤٤٣، والطبراني في الكبير (١٧/٩٤) ح٢٢٣.
وجزء اتقاء النار ولو بشق تمرة له تخاريج كثيرة.
(٢) هكذا صوب الكلمة (أ)، وكانت في أصله [سيخلوا] .
(٣) هكذا صوب الكلمة (أ)، وكانت في أصله [يخلوا] .
(٤) أخرجه الطبراني في الكبير (٩/١٨٢) ح٨٨٩٩ بلفظ: حدثنا بشر بن موسى ثنا يحيى بن إسحاق السيلحيني ثنا أبو عوانة عن هلال الوزان عن عبد الله بن عكيم قال: سمعت عبد الله بن مسعود في هذا المسجد يبدأ باليمين قبل الكلام فقال: «ما منكم من أحد إلا أن ربه سيخلو به كما يخلو أحدكم بالقمر ليلة البدر، فيقول: ابن آدم ما غرك بي! ابن آدم ما غرك بي! ابن آدم ماذا أجبت المرسلين؟ ابن آدم ماذا عمِلت فيما عَلِمت؟ ابن آدم ماذا عملت فيما علمت؟ ابن آدم ماذا عملت فيما عملت.
وإسناده صحيح موقوفًا على ابن مسعود، ومثل هذه الروايات تأخذ رجاحة الرفع من حيث المعنى، لأنها لا يتحدث بها من قبيل الرأي، ورجال إسناده رجال مسلم، وبعضهم من رجال الستة، غير بشر بن موسى فهو متأخر، وقال عنه الذهبي في التذكرة: الإمام المحدث الثبت. ونعته في السير بقوله: الحافظ الثقة. وقال الخطيب والدارقطني: ثقة. وإن كان أبو عوانة وهو الوضاح وهو من رجال الستة وهو ثقة ثبت، اعتمده الأئمة كلهم، كما ابن حجر في التقريب والفتح. غير أن أبا حاتم قال: كتبه صحيحه وإذا حدث من حفظه غلط كثيرًا، وهو صدوق ثقة وهو أحب إلي من أبي الأحوص ومن جرير وهو أحفظ من حماد بن سلمة.
قال الذهبي: استقر الحال على أن أبا عوانة ثقة، وما قلنا إنه كحماد بن زيد بل هو أحب إليهم من إسرائيل وحماد بن سلمة وهو أوثق من فليح ابن سليمان وله أوهام تجانب إخراجها الشيخان.
قلت: ويشهد له الرواية التالي.
وأخرج ابن سعد في طبقاته في ترجمة عبد الله بن عكيم الجهني (٦/١١٣) فقال: أخبرنا الفضل بن دكين قال حدثنا شريك عن هلال عن عبد الله بن عكيم قال: سمعت عبد الله بن مسعود بدأ باليمين قبل الحديث قال: «والله إن منكم من أحد إلا سيخلو الله به يوم القيامة» . وفي الحديث طول ... .
وإسناد الجزء الموافق لما قبله صحيح لغيره موقوف على ابن مسعود، راجح الرفع، وذلك لإن شريك بن عبد الله الذي فيه كلام - كما تقدم - قد توبع كما في الرواية السابقة.
هذا وقد أخرجه أيضًا الطبراني في الكبير (٩/١٨٢) ح٨٩٠٠ بلفظ: حدثنا أبو يزيد القراطيسي ثنا أسد بن موسى ثنا شريك عن هلال الوزان عن عبد الله بن عكيم قال: سمعت ابن مسعود بدأ باليمين قبل الحديث قال: «والله إن منكم أحد إلا سيخلو الله به يوم القيامة كما يخلو أحدكم بالقمر ليلة البدر، يقول: ما غرك بي ابن آدم، ما غرك بي ابن آدم، ما غرك بي ابن آدم، ماذا عملت فيما علمت ابن آدم، ماذا أجبت المرسلين» .
وإسناده كسابقه، وأسد بن موسى، قال عنه البخاري: مشهور الحديث. وقال في التقريب: صدوق يغرب. وقال النسائي وابن قانع والعجلي والبزار وابن يونس: ثقة. وقال ابن يونس: حدث بأحاديث منكرة وأحسب الآفة من غيره.
قلت: وقد تابعه الفضل بن دكين عند ابن سعد في الرواية السابقة.
(٥) هكذا صوب الكلمة (أ)، وكانت في أصله [سيخلو] .
(٦) هكذا صوب الكلمة (أ)، وكانت في الأصل عنده [يخلو] .
(٧) هكذا صوب الكلمة (أ)، وكانت في أصله [عينك] .
(٨) لم أقف عليه بهذا الطول، ولعله هو رواية ابن سعد التي أشار إليها ولم يذكرها، فإن تكنها، ففي إسنادها شريك، وقد تقدم الكلام فيه، والراوي عنه وهو اغضل بن دكين كوفي ...، والجزء المشترك في هذه الرواية مع سابقتها إسنادها كسابقتها.
1 / 27