مرعوب، وطرف خائف، خاشع ذليل، ولون متغير، وجوارح مرتعدة مضطربة، كالحمل الصغير حين تلده أمه، ترتعد بيدك صحيفة محبَّرة لا تغادر بليَّة كسبتَها ولا مخبأة أسررتها، فقرأت ما فيها بلسان كليل وحجة داحضة وقلب منكسر، فكم لك من حض وخجل وجبن من المولى الذي لم يزل إليك محسنًا، وعليك ساترًا (١) فبأي لسان تجيبه حين يسألك عن قبيح فعلك وعظيم جرمك، وبأي قدم تقف غدًا بين يديه، وبأي نظر تنظر إليه، وبأي قلب تحتمل كلامه العظيم الجليل ومساءلته وتوبيخه؟
فتوهم نفسك بصغر جسمك، وارتعاد جوارحك، وخفقان قلبك، وقد سمعت كلامه بتذكير ذنوبك، وإظهار مساوئك، وتوقيفك وتقريرك بمخبَّآتك.
فتوهم نفسك بهذه الهيئة، والأهوال بك محدقة من خلفك، فكم من بلية قد (٢) نسيتَها قد ذكَّركها؟ وكم من سريرة قد كنتَ كتمتها قد أظهرها وأبداها؟ وكم من عمل قد ظننتَ أنه قد خلص لك وسلم بالغفلة منك إلى ميل الهوى عما يفسده قد رده في ذلك الموقف عليك وأحبطه بعد ما كان تأملك فيه عظيمًا؟ فيا حسرات قلبك وتأسفك على ما فرطتَ في
_________
(١) هكذا صوب الكلمة (أ)، وكانت في أصله [ساتر] .
(٢) هكذا صوب الكلمة (أ)، وكانت في أصله [فوق] .
1 / 25