من زفيرها على وجوههم، وذلك يوم التنادي، لما سمعوا بدويِّ زفيرها ولَّوْا مدبرين، وتساقطوا على ركبهم جثاة حول جهنم فأرسلوا الدموع من أعينهم.
فتوهم اجتماع أصوات بكاء الخلائق عند زفيرها وشهيقها، وينادي الظالمون بالويل والثبور، وينادي كل مصطفى وصدِّيق ومنتخب وشهيد ومختار وجميع العوام: (نفسي نفسي) .
فتوهم أصوات الخلائق من الأنبياء فمن دون، كل عبد منهم ينادي: (نفسي نفسي)، وأنت قائلها، فبينا أنت مع الخلائق في شدة الأهوال ووجل القلوب إذ زفرت الثانية فيزداد رعبك ورعبهم وخوفك وخوفهم، ثم زفزت الثالثة فتساقط الخلائق لوجوههم (١) وتشخص بأبصارهم ينظرون من طرف خاشع خفي خوفًا أن تلفهم فتأخذهم بحريقها، وانتصفتْ عند ذلك قلوب الظالمين فبلغت لدى (٢) الحناجر كاظمين، فكظموا عليها وقد غصت في حلوقهم، وطارت الألباب، وذهلت العقول من السعداء والأشقياء أجمعين، فلا يبقى رسول ولا عبد صالح مختار إلا ذهل لذلك عقله.
فأقبل الله ﷿ عند
_________
(١) هكذا صوب الكلمة (أ)، وكانت في أصله [لوجوهم] .
(٢) قال (أ): في الهامش. وأظنه عنى أنه أثبته من الهامش.
1 / 18