378

Tatreez Riyadh As-Saliheen

تطريز رياض الصالحين

Tifaftire

د. عبد العزيز بن عبد الله بن إبراهيم الزير آل حمد

Daabacaha

دار العاصمة للنشر والتوزيع

Daabacaad

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1423 AH

Goobta Daabacaadda

الرياض

قوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ المَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ﴾، أي: ردوني إلى الدنيا ﴿لَعَلّي أعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلا﴾، ردع عن طلب الرجعة، واستبعاد لها ﴿إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا﴾، لا محالة، ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه ﴿وَمِنْ وَرَائِهِمْ﴾، أي: أمامهم، ﴿بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ
يبْعَثُونَ﴾، ﴿فَإذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ﴾، وهو القرن الذي ينفخ فيه إسرافيل للبعث ﴿فَلا أنْسَابَ بَيْنَهُمْ﴾، أي لا تنفع، ﴿يَومَئِذٍ وَلا يَتَسَاءلُونَ﴾، أي: لا يسأل قريب قريبه، بل يفرح أن يجب له حق ولو على ولده.
﴿فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ﴾، أي: موازين أعماله، ﴿فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ الفائزون بالنجاة والدرجات، ﴿وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأولئِكَ الَّذِينَ خَسرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ * تَلْفَحُ وَجَوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ﴾ أي: عابسون، وهم الكفار، ﴿أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ﴾ . وأما المسلمون فمن خفت موازين حسناته فإنه تحت مشيئة الله، إن شاء غفر له، وإن شاء عذبه بقدر ذنوبه، ومصيره بعد ذلك إلى الجنة.
﴿قَالُوا﴾، أي الكفار: ﴿رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ * رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ * قَالَ اخْسَؤُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ * إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ * فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ * إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ * قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ * قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا﴾، نسوا مدة لبثهم في الدنيا لعظم ما هم بِصَدَدِهِ من العذاب، وقيل: المراد السؤال عن مدة لبثهم في القبور؛ لأنهم أنكروا البعث.
فقيل لهم لما قاموا من القبور: ﴿كَمْ لَبِثْتُمْ﴾، ﴿قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْئَلِ العَادِّينَ﴾، أي: الحاسبين، وهم الملائكة، ﴿قَالَ إنْ
لَبِثْتُمْ إلا قَلِيلًا﴾، أي: ما لبثتم فيها إلا زمانًا قليلًا، ﴿لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُم تَعْلَمُونَ﴾، أي: لما آثرتم الفاني على الباقي، ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا﴾، لعبًا وباطلًا. ﴿وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ﴾، أي: في الآخرة للجزاء، ﴿فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ﴾، أي: تقدس، أن يخلق شيئًا عبثًا لا لحكمة، فإنه الملك الحق المنزَّه عن ذلك ﴿لا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ ... الْكَرِيمِ﴾ .

1 / 381