يعني: ويطعمون الطعام وهم يحبونه، ويشتهونه، مسكينًا، ويتيمًا، وأسيرًا، وإن كان كافرًا، لوجه الله تعالى لا لحظ النفس، وخوفًا من عذاب يوم القيامة، فوقاهم الله شرَّ ذلك اليوم، ولقاهم نضرة في وجوههم، وسرورًا في قلوبهم، وجزاهم بما صبروا على ترك الشهوات، وأداء الواجبات جنةً وحريرًا.
[٥٦٤] وعن أَبي هريرة ﵁ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النبيِّ ﷺ، فَقَالَ: إنِّي مَجْهُودٌ، فَأرسَلَ إِلَى بَعْضِ نِسَائِهِ، فَقالت: وَالَّذي بَعَثَكَ بِالحَقِّ مَا عِنْدِي إلا مَاءٌ، ثُمَّ أرْسَلَ إِلَى أُخْرَى، فَقَالَتْ مِثلَ ذَلِكَ، حَتَّى قُلْنَ كُلُّهُنَّ مِثلَ ذَلِكَ: لا وَالَّذِي بَعَثَكَ بالحَقِّ مَا عِنْدِي إلا مَاءٌ. فَقَالَ النبي ﷺ: «مَنْ يُضيفُ هَذَا اللَّيْلَةَ؟» فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ: أنَا يَا رسولَ الله، فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى رَحْلِهِ، فَقَالَ لامْرَأَتِهِ: أكرِمِي ضَيْفَ رسول الله ﷺ.
وفي روايةٍ قَالَ لامْرَأَتِهِ: هَلْ عِنْدَكِ شَيْءٌ؟ فقَالَتْ: لا، إلا قُوتَ صِبيَانِي. قَالَ: فَعَلِّليهم بِشَيْءٍ وَإذَا أرَادُوا العَشَاءَ فَنَوِّمِيهمْ، وَإِذَا دَخَلَ ضَيْفُنَا فَأطْفِئي السِّرَاجَ، وَأريهِ أنَّا نَأكُلُ. فَقَعَدُوا وَأكَلَ الضَّيْفُ وَبَاتَا طَاوِيَيْنِ، فَلَمَّا أصْبَحَ غَدَا عَلَى النَّبيِّ ﷺ فَقَالَ: «لَقَدْ عَجبَ الله مِنْ صَنِيعِكُمَا بِضَيْفِكُمَا اللَّيْلَةَ» . متفقٌ عَلَيْهِ.
هذا الحديث: أخرجه البخاري في التفسير، وفي فضائل الأنصار.
وفيه: استحباب الإيثار على النفس ولو كان محتاجًا، وكذلك على العيال إذا لم يضرهم.
[٥٦٥] وعنه قَالَ: قَالَ رسول الله ﷺ: «طَعَامُ الاثْنَيْنِ كَافِي الثَّلاَثَةِ، وَطَعَامُ الثَّلاَثَةِ كَافِي الأربَعَةِ» . متفقٌ عَلَيْهِ.