المجتهدين أولهم وآخرهم١، ولا يعترض هذا بحكاية من حكى قول الإمام يحيى في مؤلَّفه مِمَّن جاء بعده من المؤلِّفين، فإنَّ مجرَّد حكاية القول لا يدلُّ على أنَّ الحاكي يختاره ويذهب إليه، فإن وجدتَ قائلًا من بعده من أهل العلم يقول بقوله هذا ويرجِّحه، فإن كان مجتهدًا كان قائلًا بما قاله الإمام يحيى، ذاهبًا إلى ما ذهب إليه بذلك الدليل الذي استدلَّ به، وإن كان غيرَ مجتهد فلا اعتبار بموافقته؛ لأنَّها إنما تعتبر أقوال المجتهدين لا أقوال المقلِّدين.
فإذا أردتَ أن تعرف هل الحق ما قاله الإمام يحيى، أو ما قاله غيره من أهل العلم، فالواجب عليك رد هذا الاختلاف إلى ما أمرنا الله بالرد إليه، وهو كتاب الله وسنة رسوله ﷺ.
فإن قلتَ: بيِّن لي العمل في هذا الرد حتى تتمَّ الفائدة، ويتَّضِح الحق من غيره، والمصيب من المخطئ في هذه المسألة.
قلتُ: افتح لِمَا أقوله سمعًا، وأرهف له ذهنًا، وها أنا أوضح لك الكيفية المطلوبة، وأبيِّن لك ما لا يبقى عندك بعده ريب، ولا يصاحب ذهنك وفهمك عنده لبس، فأقول:
قال الله سبحانه: [٥٩: ٧] ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾، فهذه الآية فيها الإيجاب على العباد بالائتمار بما أمر به