يشك في سبقه إلى الله فيها بالإيمان، والله يقول جل ثناؤه وتباركت بقدسه أسماؤه:
" والسابقون السابقون أولئك المقربون " (46).
فكفى بهذه الآية لو لم يكن معها غيرها وبما بين عنه من وحي كتاب الله تنزيلها على الوحي دليلا، وفي الدلالة عليه تنزيلا.
فكيف بكثير الدلائل عليه؟ ودواعي شواهد الوصية إليه من قوله جل ثناؤه:
" لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى والله بما تعملون خبير " (47) مع كثير آيات القرآن ودلائل وحي الفرقان من تفضيله له بمثالة للأقران وسبقه إلى الله بكرامة الإيمان، مع التي كان بها نسيج وحده، وفيها مباينا لجميع من كان معه في حده من جمة أعوان العلم، ومعرفة أديان الأمم، وفضل بيان اللسان، ومعرفة أسرار القرآن، وهذه خاصة من حالاته، أحد أعلام الإمام بعده ودلالته التي لا توجد، وإن جهد ملتمسها، ولا يقتبس إلا من الإمام مقتبسها.
فجعل الله جل ثناؤه وتباركت بقدسه أسماؤه ما قدمنا ذكره وأثبتنا في الحجة أمره من خاص دلائل الأوصياء، كرامة خصهم بها بعد الأنبياء وأبانهم بها من الأئمة، واحتج بها لهم على الأمة، ثم أبان للأئمة من بعدهم، ودل للأمة فيهم على رشدهم بدليلين مثبتين، وعلمين مصيبين، لا يحتملان لبس تغليط، ولا زيغ شبهة تخليط، لا يطيق خلعهما بعد، ولا يحسن خلفهما محسن، ولي ذلك منهما وفيهما.
فمظهر دلالة صنعه عليها الله رب العالمين وخالق جميع المحدثين، وهما ما لا يدفعه عن الله دافع، ولا ينتحل صبغة مع الله فيما بين من القرابة بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم - وما جعل من احتمال كمال الحكمة فيمن الإمامة فيه وحد الحكمة وحقيقة تأوليها درك فائق للأحكام كلها، فاسمع لقول الله - جل ثناؤه -
Bogga 60