Tatbit al-Imamat
تثبيت الامامة
[حكمة التشريع]
ثم جعل للمتأدبين فيه بأدبه ثوابا، وعلى المخالفين إلى ما نهاهم عنه عقابا، فكان كل إنسان أولى بمعتمله، وأحق بما ملكه الله من أهله، ولو تركوا فيه بغير إبانة دليل، أو كانوا خلوا في خلاف له من التنكيل، لوثب بعضهم فيه على بعض، ولفني أكثر من في الأرض، لما يقع في ذلك من الحروب، واغتصاب النساء والنهوب، ولكان في ذلك لو كان من الفساد، في معرفة الرحم والأولاد، ما يقطع تعاطف الرحمة، وما جعله الله سببا للنسل والتربية، إذ لا يعرف والد ولدا، ولكنه وضع للنكاح في ذلك حدا، بين كنهه ومداه، ونهى كل امرؤ أن يتعداه ؛ ليعرف كل إنسان ولده فيغذوه، وتعطفه رأفة الأبوة عليه فلا يجفوه ولايعدوه، وكذلك ليتم ما أريد بالناس من التناسل والبقاء، إلى غاية ما قدر لهم ودبر من الإنتهاء.
وإذا كان - الناس على ما ذكرنا مأمورين في الغذاء، ومحدودة لهم وعليهم الحدود في مناكحة النساء - لم يكن لهم أن يتناولوا من ذلك شيا، رفيعا كان منه أو دنيا، إلا على ما جعل الله لهم، وقدر بحكمه بينهم. وإذا كان ذلك كذلك، وحكم الله فيه بما حكم به من ذلك، لم ينل طالب منهم مطلوبه، ولم يدرك محب فيه محبوبه، إلا بشديد معاناة، وعسير مقاساة، من العلاج والاعتمال، وحركة كسب الأموال، التي بها يوصل إلى مطلوب الغذاء، ويوجد السبيل إلى محبوب مناكحة النساء. ثم ليس لهم تناول معتمل، ولا حركة في عمل، حرم تناوله عليهم، أو حكم بخلافه فيهم .
Bogga 70