الباب الثالث عشر: في الثناء الحسن على الميت، وذكر محاسنه والسكوت عن مساويه
واعلم أن من أطلق الله ألسنة الناس فيه بالخير، والثناء الحسن، والذكر الصالح، وغير ذلك من الأقوال الصالحة، غلب على الظن أنه من أهل الخير.
وغير مستنكر إذا أحب عبدًا أن يلقي على ألسنة المسلمين الثناء الحسن عليه، وفي قلوبهم المحبة له.
قال الله تعالى: ﴿إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودًا﴾ .
«وثبت أن النبي ﷺ، قال: إن الله، إذا أحب عبدًا، دعا جبريل فقال: إن الله يحب فلانًا فأحبه.
قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء: إن الله يحب فلانًا فأحبوه، قال: فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض» وذكر في البغضاء مثل ذلك.
رواه البخاري ومسلم.
وقد شاهدنا في عصرنا هذا، وبلغنا عن عصر غيرنا، أن أقوامًا من العلماء وأهل الحديث والتجار والسوقة، كثر الثناء عليهم، وصرفت قلوب الناس إليهم، وحصلت الحفلة العظيمة في جنائزهم من كثرة المشيعين لها، وحضرها الألوف من الناس، وربما كثر الخلق في تشييع هؤلاء من الجن والملائكة، وربما سمع ضجة عظيمة من جهة السماء في حال حضور الناس في الجنازة، ولقد أخبرني شيخنا العلامة شمس الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن محمد الخطيب المقدسي، بالجامع المظفري.
تغمده الله تعالى برحمته، قال لي: سمعت هذه الضجة من السماء مرارًا لبعض الأموات كهيئة البشائر، ثم قال: وحدثني بها جماعة من أصحابنا، أنهم سمعوا ذلك في بعض جنائز المتهمين بالصلاح، والله تعالى أعلم بذلك.
وذكر قاسم بن أصبغ، قال: حدثنا أحمد بن زهير، ثنا محمد بن يزيد الرفاعي،