112

Tasis Taqdis

تأسيس التقديس في كشف تلبيس داود بن جرجيس

Baare

عبد السلام بن برجس العبد الكريم

Daabacaha

مؤسسة الرسالة

Lambarka Daabacaadda

الطبعة الأولى ١٤٢٢هـ

Sanadka Daabacaadda

٢٠٠١م

يقصد أحد منهم قبره ﷺ لذلك فالتابعون أخذوا العلم عن الصحابة، وتابعوا التابعين أخذوا العلم عن التابعين، وكذلك كل طبقة يأخذون العلم عمن فوقهم، والعلماء يرحلون إلى الآفاق حجازا وشاما ويمنا وعراقا لطلب الحديث بالأسانيد والوسائط الكثيرة، وتحملوا المشاق العظيمة، فلو كان ما يقوله هذا حقا من أنه يطلب منه ﷺ بعد موته كل ما يطلب منه في حياته لتزاحموا عند قبره لأخذ العلم عنه على حقيقته ويتركون الوسائط، وهذا أمر ظاهر الفساد، لكن ربما يدخل كلام هذا في نفوس بعض الجهال لظنهم أن عند هذا الرجل علما، فيتفهموا الفطرة التي فطروا عليها حتى يبين لهم بطلانه.
وقوله: فمن منع فعليه الدليل. فأي دليل أبلغ وأوضح مما قررنا من أن الصحابة قبل موته ﷺ يطلبون منه جميع ما تقدم، وأنهم بعد موته ﷺ ما فعلوا معه شيئا مما كانوا يفعلون معه في حياته من طلب الدعاء منه أو استفتائه أو طلب حاجة من حوائجهم أو نصر على عدو، وكذلك التابعون بعدهم، فلا دليل أوضح من هذا على بطلان قوله إنه يطلب منه بعد موته جميع ما يطلب منه في حياته.
قال ابن القيم رحمه الله١: ولقد جرد السلف الصالح التوحيد وحموا جانبه - إلى أن قال - ومن المحال أن يكون دعاء الأموات أو الدعاء بهم مشروعا وتصرف عنه القرون الثلاثة المفضلة بنص رسول الله ﷺ ثم يرزقه الخلوف الذين يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فهذه سنة رسول الله ﷺ في أهل القبور بضعا وعشرين سنة حتى توفاه الله، وهذه سنة خلفائه الراشدين، وهذه طريقة جميع الصحابة والتابعين لهم بإحسان هل يمكن بشرا على وجه الأرض أن يأتي عن أحد منهم بنقل صحيح أو حسن أو ضعيف أو منقطع أنهم إذا كان لهم حاجة قصدوا القبور فدعوا

١ في كتابه "إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان" ١ / ٢٠٠ فما بعدها.

1 / 123