Aasaaska Metafisiga Akhlaada
تأسيس ميتافيزيقا الأخلاق
Noocyada
سوف تنبذ طبقا لهذا المبدأ كل المسلمات التي لا يمكنها أن تتفق مع التشريع العام المتعلق بالإرادة. وهكذا نجد أن الإرادة لا تخضع للقانون وحده، بل إن خضوعها له ينبغي أن ينظر إليه في نفس الوقت من حيث إنها «هي نفسها مشرعة للقانون»، وإنها لا تعد خاضعة له (وفي استطاعتها أن تعد نفسها صاحبة هذا القانون) إلا لهذا السبب وحده.
إن الأوامر الأخلاقية، بحسب نوع التصور الذي قدمناه فيما سلف، سواء في ذلك الأوامر التي تقتضي أن تكون الأفعال مطابقة لتشريع عام شبيه بالنظام الطبيعي، أو الأوامر التي تريد أن يكون للكائنات العاقلة المزية العامة التي للغايات في ذاتها، قد استبعدت حقا عن سلطانها الآمر كل خليط من منفعة أيا كان نوعها، استبعادها لدافع من الدوافع، وقد تم ذلك عن طريق تصورنا لها كأوامر مطلقة، ولكننا «لم نسلم» بها كأوامر مطلقة إلا لأن هذا التسليم كان لا غنى عنه لتفسير تصور الواجب. أما عن وجود قضايا عملية تصدر أوامرها بطريقة مطلقة، فذلك ما لم يكن من المستطاع البرهنة عليه في ذاته، ولا من المستطاع كذلك إقامة هذا البرهان هنا أيضا في هذا القسم من الكتاب، ولكن شيئا واحدا كان من الممكن أن يتم، ونعني به أن التحرر من كل منفعة عند فعل الإرادة الصادر عن الواجب، من حيث هو العلامة المميزة التي تفرق بين الأوامر المطلقة والأوامر الشرطية قد نص عليه في الأمر نفسه، وذلك من خلال تحديد معين سيكون متضمنا فيه، وهذا ما يحدث الآن في هذه الصيغة الثالثة للمبدأ؛ أي في فكرة إرادة كل كائن عاقل من حيث هي إرادة تضع تشريعا كليا عاما.
ذلك أننا إذا تصورنا مثل هذه الإرادة، مهما قلنا إن من الممكن لإرادة تخضع لقوانين أن تكون مرتبطة بهذه القوانين عن طريق المنفعة، فإن من المستحيل أن تعتمد الإرادة، التي هي نفسها المشرع الأعلى، على أية منفعة من أي نوع؛
40
لأن مثل هذه الإرادة التي تعتمد على المنفعة ستحتاج بدورها إلى قانون آخر، يمكنه أن يحد من المنفعة المتعلقة بحبها للذات ويجعلها مشروطة بصلاحيتها لأن تصبح قانونا كليا عاما.
وهكذا نجد أن مبدأ كل إرادة إنسانية، «من حيث هي إرادة تضع تشريعا عاما عن طريق مسلماتها جميعا»
41 ⋆
هذا إذا تيسر له أن يكون مبدأ صائبا، إنما يصلح صلاحية تامة لأن يكون أمرا أخلاقيا مطلقا؛ وذلك لأنه - ومرجع هذا على وجه التحديد إلى فكرة التشريع العام - لا يقوم على أية منفعة وإنه تبعا لذلك يستطيع وحده، بين كل الأوامر الممكنة، أن يكون هو الأمر «غير المشروط»، أو إذا شئنا أن نعبر تعبيرا أفضل فعكسنا الأمر قائلين: إذا كان هناك أمر أخلاقي مطلق (أي قانون يسري على إرادة كل كائن عاقل) فإنه لن يملك إلا أن يلقي أوامره بأن يصدر الإنسان دائما في كل أفعاله عن مسلمة إرادة يمكنها في نفس الوقت أن تجعل نفسها موضوعا لها من حيث هي مشرعة تشريعا عاما، عندئذ فقط يكون المبدأ العملي والأمر الذي يطيعه الإنسان غير مشروطين، فلن يكون ثمة منفعة على وجه الإطلاق يمكنه [أي الأمر الأخلاقي] أن يقوم عليها.
ليس عجيبا بعد الآن، إذا رجعنا بالبصر إلى كل المحاولات التي بذلت حتى الآن لاكتشاف مبدأ الأخلاق، أن نجد أنها جميعا كان مقضيا عليها بالإخفاق. لقد رأوا أن الإنسان يرتبط من خلال واجبه بقوانين، ولكن لم يخطر لهم على بال أنه لا يخضع إلا لتشريعه النابع منه، وأن هذا التشريع كلي عام، وأنه لا يلتزم في فعله إلا بما يتفق مع إرادته الخاصة، وهي الإرادة التي تضع تشريعا عاما بمقتضى الغاية التي رسمتها الطبيعة؛ ذلك لأنهم حين تصوروه في خضوعه للقانون فحسب (أيا كان نوع هذا القانون) وجدوا أن هذا القانون لا بد بالضرورة أن يكون مصحوبا بنوع من المنفعة في صورة جذابة أو قاهرة؛ لأنه بما هو قانون لم ينبثق عن «إرادته» هو، بل إن هذه الإرادة قد ألزمت، بما يتفق مع القانون، من جانب شيء خارجي عليها على أن تسلك على نحو معين. بهذا الاستنتاج الذي لم يكن منه مفر ضاع كل جهد بذل لإيجاد مبدأ أعلى للواجب ضيعة لا رجعة فيها؛ ذلك لأنهم لم يتوصلوا إلى الواجب أبدا، بل إلى الضرورة التي تحض على الفعل بدافع من مصلحة معينة. وسواء كانت هذه المنفعة شخصية أم أجنبية، فقد كان لا بد للأمر دائما أن يتخذ طابع الأمر الشرطي ولم يكن من المستطاع أن يصلح لأن يكون أمرا أخلاقيا. سوف أطلق إذن على هذا المبدأ اسم مبدأ استقلال الإرادة في مقابل كل مبدأ آخر سأسلكه في عداد ما أطلق عليه اسم التنافر.
إن التصور الذي يقتضي من كل كائن عاقل أن يتأمل نفسه من خلال جميع مسلمات إرادته على اعتبار أنه يضع تشريعا كليا عاما لكي يتمكن من وجهة النظر هذه من الحكم على نفسه وعلى أفعاله، يؤدي إلى تصور أشد خصوبة يرتبط به، ونعني به تصور «مملكة الغايات».
Bog aan la aqoon