ادَّعَى الزَّمَخْشَرِيُّ إِفَادَتَه= الحَصْرِ).
ش: مَا تَقَدَّمَ في (إنَّما) بكَسْرِ (إنَّ) أمَّا المَفْتُوحَةُ فزَعَمَ الزَّمَخْشَرِيُّ في الكلامِ على قولِه: ﴿قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهَكَمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ إِفَادَتُها القَصْرُ، وجَعَلَ المُصَنِّفُ مَاخَذَهُ البِنَاءُ على أَصْلٍ نَحْوِيٍ، وهي أنَّها فَرْعُ المَكْسُورَةِ وهو الأَصَحُّ، وقيلَ: المَفْتُوحَةُ أَصْلٌ، وقيلَ: كلُّ منْهُما أَصْلٌ بنَفْسِه، هكذا حَكَى ابنُ الخَبَّازِ النَّحْوِيُ الأقْوالِ الثلاثَةِ، ومن هنا يُسْتَنْكَرُ على الشيخِ أَبِي حَيَّانَ دَعْواهُ أنَّ الزَّمَخْشَرِيَّ تَفَرَّدَ بهذه المقالَةِ، وأنَّه لا يَعْرِفُ القولَ بذلك إلاَّ في (إنَّما) بالكَسْرِ، وهذا مَرْدُودٌ، فإنَّها فَرْعُها، ولهذا قالَ سِيبَوَيْهِ في بابِ إنَّ وأخواتُها: بابُ الأَحْرُفِ الخَمْسَةِ، فعدَّ (إنَّ) و(أنَّ) واحِدَةٌ.
وإذا كانَتْ المَفْتُوحَةُ فَرْعُ المَكْسُورَةِ، فكلُّ حُكْمٍ ثَبَتَ للأَصْلِ ثَبَتَ للفَرْعِ ما لم يَمْنَعْ مَانِعٍ، واعْتُرِضَ عليه أيضًا بأنَّ دَعْوَى الحَصْرِ فيها بَاطلٌ؛ باقْتِضاءِ إنَّه لم يُوحَ إليه سِوَى التوحيدِ، وهو عَجِيبٌ من وجْهَيْنِ:
أحدُهما: أنَّ الزَّمَخْشَرِيَّ يَلْتَزِمُ ذلك بناءً على رَايهِ الفاسدِ في الاعْتزالِ من إنْكارِ الصفاتِ، بل لَعَلَّ هذا هو مَاخَذَهُ في دَعْوَى الحَصْرِ.
ثانيهُما: أنَّ هذا حَصْرٌ مُقَيَّدٌ، فإنَّ الخِطابَ معَ المُشْركِينَ فالمعنَى ما أُوحِيَ إليَّ في أَمْرِ الرُّبُوبِيَّةِ إلاَّ التوحيدَ لا الإشراكَ، ويُسَمِّيهِ البَيانِيُّونَ قَصْرُ قَلْبٍ لقَلْبِ اعْتِقادِ المُخاطَبِ.