ولها عرش عظيم) (1) يريدون: لها ملك عظيم، فعرش الله تعالى هو ملكه، واستواؤه على العرش هو استيلاؤه على الملك، والعرب تصف الاستيلاء بالاستواء، قال الشاعر: قد استوى بشر على العراق * من غير سيف ودم مهراق (2) يريد به قد استولى على العراق (3)، فأما العرش الذي تحمله الملائكة،
---
(1) النمل: 23. (2) بحار الانوار 4: 5. (3) قال العلامة الشهرستاني في مجلة (المرشد ص 29 - 31 ج 3): ليس المذهب الصحيح ما ذهب إليه الحشوية وبعض الظاهرية من أن العرش سرير كبير يجلس الله عليه جلوس الملك اغترارا منهم بما يفهمه العوام من كلمة (العرش) أو من لفظة (استوى) إذ العلم والدين متفقان على تنزيه الخالق - عز شأنه - من صفات الاجسام، وتقديس العالم الروحاني من شوائب المواد. ولو اتخذنا فهم العوام ميزانا لتفسير الكتاب والسنة لشوهنا محاسن تلك الجمل البليغة، وذهبنا بها إلى معاني مبذولة غير مقبولة، ولوجب علينا أن نفسر آية: (يجعلون أصابعهم في آذانهم) (البقرة: 20) بدخول الاصابع كلها في الاذان، وأن نفسر حديث (الحجر الاسود يمين الله في أرضه) بأن الحجر هو إحدى أكف الرب - تعالى شأنه - نعم، لهذا الحديث وأمثاله ولتلك الاية وأمثالها وجه معقول، ولكن على سبيل التشبيه والمجاز وعليهما مدار الكلام البليغ. وبالجملة: إننا نفسر القرآن بالقرآن لئلا نحيد عن صراطه المستقيم، فنقول: إن العرب كانوا ولا يزالون يسمون البيت المصنوع سقفه وقوائمه من اصول الاشجار عريشا ويستعملون الصيغ المشتقة من هذا الاسم لمعاني قريبة منه، كما في آية (ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون) (الاعراف: 137). وفي آية: (وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون) (النحل: 68) وآية: (وهو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات) (الانعام: 141) يعني بذلك السقوف وقوائمها المصنوعة من اصول الشجر وفروعها للكرم أو لغيره، وآية:=
--- [ 77 ]
Bogga 76