وكأنّ درعًا مفرغًا من فضةٍ ... ماء الغدير جرتْ عليه صباكِ
وقال آخر
ألا ليتَ شعري هل أرى جانب الحمى ... وقد أنبتْ مسلانهُ بقلهُ جعدا
وهل أردنَّ الدهرَ ماء وقيعةٍ ... كأنّ الصبا شدتْ على متنهِ بردا
وقال مسلم صريع الغواني
وماءٍ كعينِ الشمسِ لا يقبلُ القذى ... إذا درجتْ فيه الصبا خلتهُ يعلو
وقال ابن المعتز
وماءٍ كأفقِ الصبحِ صافٍ جمامهُ ... دفعتُ القطا عنه وخففتُ كلكلا
إذا استجهلتهُ الريحُ جالتْ قذاتهُ ... وجردَ من إغمادِهِ فتسلسلا
فلما وردن الماء وانسلَّ صفوهُ ... كما أغمدتْ أيدي الصياقلِ منصلا
وله أيضًا
ظللتُ بها أسقَى سلافةَ قهوةٍ ... بكفِّ غزالٍ ذي جفونٍ صوائدِ
على جدولٍ ريانَ لا يكتمُ القذَى ... كأنّ سواقيهِ متونُ المباردِ
وقال ابن الرومي
على حفافيْ جدولٍ مسجورِ ... أبيضَ مثلِ المهرقِ المنشورِ
أو مثلِ متنِ المنصلِ المشهورِ ... ينسابُ مثلَ الحيةِ المذعورِ
وأنشد الطائي
اقرأ على الوشلِ السلامَ وقل له ... كلُّ المشاربِ مذ هجرت ذميمُ
سقيًا لظلكَ بالعشيّ وبالضحى ... ولبردِ مائكَ والمياهُ حميمُ
وقال ابن المعتز يهجو ماءً
وماءٍ دارسِ الآثارِ خالٍ ... كدمغٍ حارَ في جفنٍ كحيل
وقال آخر
ألا هلْ إلى شربٍ بأكنافِ منشدٍ ... سبيلٌ فقد بلاكَ ماءُ اللواحقِ
له جلباتٌ في البطونِ كأنها ... إذا سمعتْ جريُ العتاقِ السوابقِ
كأن سحيقَ المسكِ شيب بطعمهِ ... إذا ذاقهُ يومًا على اللوحِ ذائقِ
وقال ذو الرمة
وماءٍ بعيدِ العهدِ بالناسِ آجنٍ ... كأنَّ الدبَى ماءَ الفضا فيه يبصقُ
وقال ابن المعتز
وماءٍ خلاءٍ قد طرقتُ بسدفةٍ ... عليه القطا كأنَّ آجنهُ الزيتُ
وأنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب
وأخضرَ كالحناءِ طامٍ جمامهُ ... بعيدٌ به الأصواتُ قطعَ بالمحلِ
وجدتُ عليه الذئبَ يعوي كأنهُ ... خليعٌ خلا من كلِ مالٍ ومن أهلِ
فقلتُ له يا ذئبُ هل لك في فتًى ... يواسيكَ في ظهرِ المطيةِ والرحلِ
باب ٣٨ في
وصف النار
وقال كثير يذكر نارًا
رأيتُ وأصحابي بأيلةَ موهنًا ... وقد غابَ نجمُ الفرقدِ المتصوبُ
لعزةَ نارًا ما تبوخُ كأنها ... إذا ما رمقناها من البعدِ كوكبُ
وقال آخر في صفة نار
كأنَّ النار تقطعُ من سناها ... بنائقَ جبةٍ من أرجوانِ
وقال ابن المعتز
وموقداتٍ بتنَ يضرمنَ اللهبْ ... يشبعنهُ من فحمٍ ومن حطبْ
يرفعنَ نيرانًا كأشجارِ الذهبْ
وقال آخر
ومستنبحٍ بعدَ الهدوءِ دعوتهُ ... بشقراءَ مثلِ الفجرِ ذاكٍ وقودها
وقال جران العودِ
ونارٍ كسحرِ العودِ يرفعُ ضوءها ... مع الصبحِ هباتُ الرياحِ الزعازعِ
وقال ابن المعتز
فوقَ نارٍ شبعَى من الحطبِ الجز ... لِ إذا ما التظتْ رمتْ بالشرارِ
فهيَ تعلو اليفاعَ كالرايةِ الحم ... راءِ تفري الدجى إلى كلِ سارِ
وقال آخر في فتح هرقلة
كأنّ نيراننا في جنبِ قلعتهم ... مصبغاتٌ على أرسانِ قصارِ
وقال الطائي في إحراق المعتصم للأفشين
ما زالَ سرُّ الكفرِ بينَ ضلوعهِ ... حتى اصطلى سرَّ الزنادِ الواري
نارًا يساورُ جسمهُ من حرها ... لهبٌ كما عصفرتَ شقَّ إزارِ
طارتْ لها شعلٌ يهدمُ لفحها ... أركانهُ هدمًا بغيرِ غبارِ
مشبوبةً رفعتْ لأعظمِ مشركٍ ... ما كانَ يرفعُ ضوءها للساري
صلى لها حيًا وكان وقودها ... ميتًا ويدخلها مع الفجارِ
باب ٣٩ في
طول الليل
ومن التشبيه الحسن في طول الليل قول امرئ القيس
وليلٍ كموجِ البحرِ أرخى سدولهُ ... عليَّ بأنواعِ الهمومِ ليبتلي
فقلتُ له لما تمطى بصلبهِ ... وأردفَ أعجازًا وناءَ بكلكلِ
ألا أيها الليلُ ألا انجلِ ... بصبحٍ وما الإصباحُ منكَ بأمثلِ
فيا لك من ليلٍ كأنَّ نجومهُ ... بكلِّ مغارِ الفتلِ شدتْ بيذبلِ
1 / 44