تشكو الخشاش ومجرى النسعتينِ كما ... أنَّ المريضُ إلى عوادِهِ الوصبُ
الخشاش مثل البرةِ ومثله قول المثقب العبدي
إذا ما قمتُ أحلها بليلٍ ... تأوهُ آهةَ الرجلِ الحزينِ
وقال أبو نواس في سرعتها
وتجشمتْ بي هولَ كلِّ تنوفةٍ ... هوجاء فيها جرأةٌ مقدامُ
تذرُ المطيَّ وراءها وكأنَّها ... صفٌّ تقدمهنَّ وهيَ إمامُ
وكلهم يصف ناقة بالضخمِ والعلوِ كقول طرفة
كقنطرةِ الروميِّ أقسمَ ربها ... لتكتنقنْ حتى تشاد بقرمدِ
وكقول عنترة
فوقفتْ فيها ناقتي وكأنها ... فدنٌ لأقضِيَ حاجةَ المتلومِ
وقال ابن المعتز
لنا إبلٌ ملءُ الفضاءِ كأنما ... حملنَ التلاعَ الجونَ قوقَ الحواركِ
وقال ابن أبي حفصة
يتبعنَ جاهلةَ الزمامِ كأنها ... إحدى القناطرِ وهي حرفٌ ضامرُ
وقال الراعي يصف أضلاعها
وكأنما انتطحتْ على أثباجها ... فدرٌ بشابةَ قد كملْنَ وعولا
وقال الفرزدق في سرعتها
تشيح بها أجوازَ كلِّ تنوفةٍ ... كأنَّ المطايا يتقينَ بها جمرا
وقال الفرزدق في ناقة
تنفِي يداها الحصى في كلِّ هاجرةٍ ... نفى الدراهيمِ تنقادُ الصياريفِ
ونحوهُ قول الآخر المتقارب
تطيرُ مناسمهنَّ الحصى ... كما نقدَ الدرهمَ الصيرفُ
وقال رؤبة
كأنّ أيديهنَّ بالقاعِ القرقْ ... أيدي جوارٍ يتعاطينَ الورقْ
وقال مسلم بن الوليد
إلى الإمامِ تهادانا بأرحلنا ... خلقٌ من الريحِ في أشباهِ ظلمانِ
كأنَّ إفلاتها والفجرُ يأخذها ... إفلاتُ صادرةٍ عن قوسِ حسبانِ
والعرب تشبه سرعتها بشرود النعام قالت ليلى الأخيلية
روموها بأثوابٍ خفافٍ فلا ترى ... لها شبهًا إلا النعامَ المنفرا
قال ثعلب الأثواب ههنا الأبدان قال وفي قوله ﷿ " وثيابك فطهر " قال قلبك وقال آخر
إذا بركتْ خرتْ على ثفناتها ... مجافيةُ صلبًا كقنطرةِ الجسرِ
كانَّ يديها حين تجري ضفورها ... طريدانِ والرجلانِ طالبتا وترِ
وقال آخر
حمراءُ من نسلِ المهارَى نسلها ... إذا ترامتْ يدها ورجلُها
كأنها غيرَي استفزَّ عقلها ... أتَى التي كانتْ تخافُ بعلها
وقال الغطمش الضبي
كأنّ يديها حينَ جدَّ نجاؤها ... بدا سابحٍ في غمرةٍ يتبوعُ
ومثله قول بشامة بن الغدير المتقارب
كأنَّ يدَيْها إذا أرقلتْ ... وقد حرنَ ثمَّ اهتدينَ السبيلا
يدا سابحٍ غصَ في غمرةٍ ... فأدركهُ الموتُ إلا قليلا
ومما يدخل في هذا الباب وإن لمي يكن فيه تشبيه قول الشاعر
أقولُ لنضوٍ أذهبَ السيرُ نيها ... فلم يبقَ منها غيرُ عظمٍ مجلدِ
خذي بي ابتلاكِ الله بالشوقِ والهوى ... وشاقكِ تغريدُ الحمامِ المغردِ
فسارتْ مراحًا خوفَ دعوةِ عاشقٍ ... تخب بي الظلماءُ في كل فدفدِ
فلما ونتْ في السيرِ ثنيتُ دعوتي ... فكانتْ لها سوطًا إلى ضحوةِ الغد
وقال القضاعيّ
خوصٌ نواجٍ إذا حثَّ الحداةُ بها ... حسبتَ أرجلها قدامَ أيديها
وقال مسلم
إليك أمينَ اللهِ راعتْ بنا القطا ... بناتُ الفلا في كلِ ميثٍ وفدفدِ
أخذنَ السرَى أخذَ العنيفِ وأسرعَتْ ... خطاها بها والنجمُ حيرانُ مهتدِ
لبسنَ الدجَى حتى نضتْ وتصوبتْ ... هوادي نجومِ الليلِ كالدحوِ باليدِ
باب) ١١ (في
السراب
ومما يتصل بهذا الباب في حسن التشبيه في السراب قول مسلم في هذه الكلمة
وقاعةٍ رجلَ السبيلِ مخوفةٍ ... كأنّ على أرجائها حدَّ مبردِ
مؤزرةٍ بالآلِ فيها كأنها ... رجالٌ قعودٌ في ملاءٌ معمدِ
وقال آخر
أخوفُ بالحجاجِ حتى كأنما ... يحركُ عظمٌ في الفؤادِ مهيضُ
ودونَ يدِ الحجاجِ من أن تنالَني ... بساطٌ لأيدِي الناعجاتِ عريضُ
مهامهُ أشباهٌ كانَّ سرابها ... ملاءٌ بأيْدي الغاسلاتِ رحيضُ
وقال ابن المعز
والآلُ قد رقصتْ فيه الإكامُ كما ... لحبتْ حواملُ ولدانٍ بتنقيزِ
كأنه حللٌ بينَ الصوَى نشرتْ ... فهنَّ من بينِ مكسوٍّ ومبروزِ
1 / 15