فالفجرة كانوا يعرفون أن لبس الصوف يدفع عنهم الشبهات.
وكانت الجماهير لا تتمثل الصالحين إلا في الثياب الصوفية، قال الزبيدي نقلا عن كتاب بهجة الناظرين وأنس العارفين: ومما حدثنا به من أدركنا من المشيخة أن الإمام أبا حامد الغزالي لما حضرته الوفاة أوصى رجلا من أهل الفضل والدين كان يخدمه أن يحفر قبره في موضع بينه، ويستوصي أهل القرى التي كانت قريبة إلى موضعه ذلك بحضور جنازته، وألا يباشره أحد حتى يصل ثلاثة نفر من الفلاة لا يعرفون ببلاد العراق: يغسله اثنان منهما، ويتقدم الثالث للصلاة عليه بغير أمر ولا مشورة. فلما توفي فعل الخادم كل ما أمره به، وحضر الناس، فلما اجتمعوا لحضور جنازته رأوا ثلاثة رجال خرجوا من الفلاة، فعمد اثنان منهم إلى غسله، واختفى الثالث ولم يظهر، فلما غسل وأدرج في أكفانه، وحملت جنازته، ووضعت على شفير قبره ظهر الثالث ملتفا في كسائه وفي جانبه علم أسود، معمما بعمامة من صوف، وصلى عليه وصلى الله بصلاته، ثم سلم وانصرف وتوارى عن الناس.
41
والقصة مصنوعة، ولكنها تمثل رأي الجماهير في لباس الصوف.
وفي قصة عنترة بن شداد - وهي تمثل النزعات الشعبية - أنه بينما كان النمرود جالسا في منظره عالية تشرف على خارج المدينة نظر إلى جماعة من الأحبار العباد عليهم لباس الشعر والصوف ... إلخ.
42
ويؤكد التزام الصوفية للبس الصوف حرصهم على المرقعة؛ أي: الثوب المرقع، ومن رأي ابن الجوزي أنهم لما سمعوا أن النبي كان يرقع ثوبه وأنه قال لعائشة: لا تخلعي ثوبا حتى ترقعيه وأن عمر بن الخطاب كان في ثوبه رقاع اختاروا المرقعات،
43
وكذلك صارت المرقعة عنوانا عليهم، وروي عن الثوري أنه قال: «كانت المرقعات غطاء على الدر فصارت جيفا على مزابل»،
44
Bog aan la aqoon