418

Tasawwuf

التصوف الإسلامي في الأدب والأخلاق

Noocyada

مطالعات من الأدب الطريف

في اللغة العربية نوع طريف من الأدب الذي يشوق العقول، ويرهف العزائم، ويحيي الوجدان، وهو أخبار الصوفية.

وهذا النوع من الأدب له نماذج كثيرة في اللغة العربية، ويرتاح إليه أهل الجد كما يرتاح أهل الهزل إلى أخبار الماجنين.

وكان لهذا النوع من الأدب تأثير شديد في توجيه القلوب والعقول إلى الخير والسداد، وكان له في مجالس الوعظ جاذبية قوية تحول تلك المجالس إلى أندية أدبية خفيفة الظل والروح.

ويمتاز هذا النوع من الأدب بما فيه من روعة الخيال، فأكثر أخبار الصوفية موشاة بالمبتكر الطريف من صور الحياة والناس، وما فيها من المغالاة والإغراب ليس إلا شاهدا على قوة التزويق والتلوين.

وتشهد هذه الأخبار بأن «المجاذيب» كان لهم شأن في تربية المجتمع، وكان فيهم رجال يسوسون العقول والنفوس، ويضربون لمريديهم أحسن الأمثال.

حياة فاتح بن عثمان

جامع أبي المعاطي في دمياط، وكان خلوة صوفية.

ومن شواهد ذلك أخبار فاتح بن عثمان التكروري، وهو رجل قدم من مراكش إلى دمياط على قدم التجريد، وسقى بها الماء في الأسواق احتسابا من غير أن يتناول من أحد شيئا، ونزل في ظاهر الثغر ولزم الصلاة مع الجماعة وترك الناس جميعا، ثم أقام بناحية تونة من بحيرة تنيس، ورم مسجدها، ثم انتقل من تونة إلى جامع دمياط وأقام في وكر بأسفل المنارة من غير أن يخالط أحدا إلا عند الصلاة، وقد اهتم بترميم جامع دمياط وتنظيفه بنفسه وساق الماء إلى صهاريجه، وبلط صحنه، وسبك سطحه بالجبس، ورتب فيه إماما يصلي الخمس، وسكن في بيت الخطابة، وواظب على إقامة الأوراد به، وجعل فيه قراء يتلون القرآن بكرة وأصيلا، وكان يقول:

لو علمت بدمياط مكانا أفضل من الجامع لأقمت به، ولو علمت في الأرض بلدا يكون فيه الفقير أخمل من دمياط لرحلت إليه وأقمت به.

Bog aan la aqoon