364

Tasawwuf

التصوف الإسلامي في الأدب والأخلاق

Noocyada

وهذا الحكم يبدو غريبا كل الغرابة، فأين الصوفية من فلسفة اليونان؟ ولكن من يتعقب النظريات الفلسفية كما تعقبت لا يستغرب ولا يستعجب، فقد كانت عند اليونان والمصريين أوهام نقلها الصوفية من حيث يشعرون أو لا يشعرون، كان اليونان يرون لكل قوة من القوى إلها، وكان المصريون الوثنيون يعتقدون أن الشمس يحملها إله أو ملك فينقلها من المشرق إلى المغرب، وهذه العقيدة المصرية الوثنية نقلت إلى التصوف المصري الإسلامي، فقد كان أهل مصر المسلمون يعتقدون أن «الأولياء» يكلفون أحيانا بجر الشمس، وكان يصح للصوفي أن يعتذر عن إخلاف الميعاد بأن دوره كان حل في جر الشمس.

17

والملائكة عند المسلين لهم مناطق اختصاص، وهذه المناطق تذكر بما كان للآلهة عند اليونان .

والمهم هو أن ننص صراحة على أن نظرية وحدة الوجود أراد بها الصوفية أن يعطوا الحقيقة المحمدية أضعاف ما ادعاه النصارى للحقيقة العيسوية. والصوفية من الجانب النظري والعملي هم رهبان المسلمين.

هل نقلت الحقيقة المحمدية عن الحقيقة العيسوية؟

وقد عرض ابن القيم لأصحاب نظرية وحدة الوجود فسماهم «ملاحدة»، وقد قامت نظريتهم على أن العبد من أفعال الله وأفعال الله من صفاته، وصفاته من ذاته، ويقول ابن القيم: إن العبد من مفعولات الله لا من أفعاله القائمة بذاته، ومفعولاته آثار أفعاله، وأفعاله من صفاته القائمة بذاته، فذاته مستلزمة لصفاته وأفعاله، ومفعولاته منفصلة عنه، فهي من المخلوقات المحدثات.

18

وما يهمنا أن يكون ابن القيم على حق في نقض النظرية الصوفية، نظرية وحدة الوجود، فستظل على الدهر من المعضلات، وإنما يهمنا أن ننص على أن هذه النظرية لها في الفلسفة القديمة والديانات القديمة أصول.

ويهمنا قبل كل شيء وبعد كل شيء أن يعرف القارئ كيف نشأ الإغراق في المدائح النبوية.

فإن رآنا القارئ من الموفقين فذلك ما نبغيه، وإلا فقد هديناه إلى أسرار لم يهتد إليها أحد من الباحثين قبل اليوم. والأول قد يترك للآخر أشياء.

Bog aan la aqoon