ضريح الحلاج في بغداد، والحلاج أشهر من استشهدوا في سبيل القول بوحدة الوجود.
وهذا يشرح جانبا من العقلية الدينية في مصر لهذا العهد، فالأزهر لا يريد أبدا نشر الثقافة الصوفية، وهذه المقاومة هي في ذاتها مظهر من سلطة التصوف في عالم الأخلاق.
وقد حدث في العام الماضي (سنة 1354ه) أن فكرت مشيخة الأزهر في مقاومة التصوف مقاومة رسمية، وكتب فضيلة الأستاذ الأكبر الشيخ محمد مصطفى المراغي كتابا في ذلك إلى وزير الأوقاف السابق سعادة عبد العزيز بك محمد، ولكن وقع أن رد عليه السيد عبد الحميد البكري بجواب فيه عنف، وكانت هذه المصاولة إحياء للاصطدامات القديمة بين الشريعة والحقيقة، وكانت بين المذهبين تراث سيرى القارئ بعض أخبارها في مقدمة القسم الثاني من هذا الكتاب. •••
أما بعد فقد آن أن نكتفي بما أسلفنا من الكلام في شخصية محيي الدين بن عربي؛ لأننا لا نكتب عنه كتابا، وإنما نكتب فصلا من كتاب، والإيجاز يطلب في بعض الأحوال.
ويكفي أن يتذكر القارئ أن ابن عربي سيشغل الناس ما دام في الدنيا إنسان يهمه درس التصوف الإسلامي، وسيشغل الناس ما دام في الدنيا إنسان يهمه الوقوف على ما صنع الذكاء في درس أسرار الوجود.
لا تقولوا: أخطأ ابن عربي أو أصاب، ولكن قولوا: إنه رجل قضى العمر كله في محاورة العقل ومناجاة الروح.
فإن لم يكن بد في ختام هذا البحث من شطحة أدبية تذكر بشطحات الصوفية، فإني أصرح بأن في آثار ابن عربي ما يقبل كل القبول، أو بعض القبول، إلا ديوان شعره فإنه فيما أرى لغو وفضول:
ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها
كفى المرء نبلا أن تعد معايبه
وسلام على ابن عربي بين أعلام الفكر وأقطاب البيان.
Bog aan la aqoon