Tasawwuf: Kacdoonka Ruuxiga ah ee Islaamka
التصوف: الثورة الروحية في الإسلام
Noocyada
وظهرت الآراء السياسية في النظريات الدينية وأصبحت جزءا من عقائد المسلمين، مثل قول الناس في علي ومعاوية، وفي مسألة التحكيم والإمامة ونحوها، وتطرف القائلون في أقوالهم وآرائهم، وساهم الخلفاء في هذه الآراء واضطهدوا مخالفيهم فيها، وكثر اضطهاد كل من وصف بأنه زنديق أو مبتدع.
كل ذلك أدخل الرعب في قلوب المسلمين وأحدث القلق وقضى على الشعور بالأمان، وحرك في الناس الميل إلى العزلة والفرار من الحياة طلبا للسلامة وراحة الضمير، ووجدوا ما يطلبون في عزلة الزهاد وخلوات العابدين، وهنا حل النظام الروحي الداخلي محل النظام السياسي الخارجي. (3) العامل الثالث: الرهبنة المسيحية
وجدت المسيحية في بلاد العرب قبل الإسلام بنحو مائتي سنة، كما كانت موجودة قبل الإسلام في مصر والشام وشمال أفريقية، وكان للمسيحيين في جميع أنحاء البلاد التي صارت فيما بعد إسلامية أديرة كثيرة، وكان الرهبان المسيحيون يجوبون الصحراء ويطوفون القرى، كما كانوا موضع احترام وتقدير الناس في بلاد العرب وغيرها، وقد سجل الشعر الجاهلي كثيرا من مناقبهم. بل إنهم كانوا موضع احترام المسلمين على عهد الرسول نفسه، فقد وردت الأخبار بأنه
صلى الله عليه وسلم
كان يجلهم ويحب مجالستهم والتحدث إليهم، وكان أبو بكر يحترم الرهبان وينهى عن اضطهادهم، قيل إنه لما فتح المسلمون الشام نصحهم بأن يتركوا الرهبان في صوامعهم لأنهم يبتغون وجه الله، ولم نذهب بعيدا والقرآن نفسه صريح في مدح المسيحيين والثناء على رهبانهم حيث يقول:
لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون * وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين .
18
كان للرهبان المسيحيين - لا للدين المسيحي من حيث هو دين - أثر غير قليل في بعض الوثنيين من العرب في الجاهلية. أما عامة العرب فقد بقوا على وثنيتهم مشتغلين بأمور الدنيا ومتاعبها ولذاتها، غير مكترثين ولا مفكرين في حياة أخروية يعدون لها أنفسهم قبل الموت. هؤلاء الرهبان هم الذين بذروا بذور الزهد في الجزيرة العربية قبل البعثة، فلما جاء الإسلام واعتنق الزهد من أهله من اعتنق، لم يكن الزهد غريبا عليهم ولم يكن بدعا، ولكن البدعة فيه - من وجهة النظر الإسلامية - أنه كان من نوع خاص قاومه الإسلام على نحو ما أسلفنا، وقد استمر تأثير الرهبان المسيحيين في زهاد المسلمين بعد ظهور الإسلام، وكان تأثيره في الناحية التنظيمية أكثر منه في ناحية المبادئ العامة في الزهد، تلك المبادئ التي ظلت إسلامية في الصميم.
وكثيرا ما نقرأ عن زيارات عباد المسلمين للرهبان في صوامعهم وأخذهم عنهم بعض تعاليمهم، من ذلك ما روي عن إبراهيم بن أدهم أنه قال: «تعلمت المعرفة من راهب يقال له سمعان.»
19 (4) العامل الرابع: الثورة ضد الفقه والكلام
Bog aan la aqoon