Tasawwuf: Kacdoonka Ruuxiga ah ee Islaamka

Abu Cala Cafifi d. 1385 AH
172

Tasawwuf: Kacdoonka Ruuxiga ah ee Islaamka

التصوف: الثورة الروحية في الإسلام

Noocyada

فالوارد الذي أسكر موسى وصعقه جاءه عندما تجلى ربه للجبل؛ أي ظهر في صورة من صور جماله في الجبل، فغاب عن نفسه في هذا المشهد، وشغل عنها وعن الجبل وبقي وعيه بالله المتجلي وحده.

والفرق بين السكر والصحو أن الصوفي في حالة سكره مستغرق في سكره، وليس عنده علم ولا خبر ولا إدراك للفناء والبقاء. أما في حالة صحوه فهو مدرك لنفسه وللعالم حوله ولكنه ينظر إليهما بعين الفناء؛ إذ البقاء للموجود الحقيقي الذي هو الله وحده.

ويفضل أبو يزيد وأصحابه السكر على الصحو لأن الصحو في نظرهم يقتضي وجود الصفات البشرية التي هي أعظم حجاب يحول بين العبد وربه، أما السكر فهو محو لهذه الصفات ورفع لحجب الاختيار والتصرف والتدبير.

أما الجنيد وأصحابه فيفضلون الصحو على السكر لأن السكر يخرج بالعبد عن حالته الطبيعية ويفقده سلامة العقل الواعي والقدرة على التصرف، وسر المسألة في نظرهم هو «المعرفة» بحقيقة الوجود، فإذا عرف الإنسان الأشياء على حقيقتها فر منها ونظر إليها بعين الفناء، ومن نظر إلى الأشياء بعين الفناء أدرك أنها معدومة بالإضافة إلى وجود الواحد الحق.

والسكر في نظر الجنيد وأصحابه أشبه بميدان لعب الأطفال وأليق بالمبتدئين في الطريق الصوفي، أما الصحو فهو الميدان الذي يصرع فيه الرجال وهو من صفات الصوفية المتمكنين. السكر عندهم توهم فناء الذات مع بقاء الصفات، وهذا هو الحجاب بعينه، أما الصحو فهو رؤية بقاء الذات مع فناء الصفات، وهذا هو الكشف.

وكما أن من تعود شرب الخمر حتى أصبح مدمنا عليها لا يرتوي منها مهما شرب، كذلك من ذاق طعم الخمر الإلهية وسكر بها لا تروي له غلة مهما شرب، ورجل الصحو لا يلتذ بالشرب ولا يقوى عليه، في حين أن رجل الشرب يلتذ بالشرب ويطلب المزيد. حكي أن يحيى بن معاذ الرازي كتب إلى أبي يزيد البسطامي: «ما ظنك بمن شرب قطرة من بحر حبه فسكر؟» فقال أبو يزيد: «ما ظنك بمن شرب بحور السموات والأرض وما روي بعد، ولسانه خارج يقول هل من مزيد؟»

16

يقول الهجويري معقبا على هذين القولين: «وقد توهم قوم أن يحيى بن معاذ يتكلم هنا عن السكر، وأن أبا يزيد يتكلم عن الصحو، لكن العكس هو الصحيح، فإن رجل الصحو هو الذي يعجز حتى عن شرب قطرة واحدة، ورجل السكر هو الذي يشرب كل ما يستطيع ويطلب المزيد.»

17

ومما يزيد في قيمة الصحو في نظر الجنيد أنه لا مجال فيه لإظهار المواجد، والسكر لا يكون إلا لأصحاب المواجد، وإظهار المواجد من الأمور التي عاب بها الجنيد على الصوفية واعتبرها من علامات ضعف الروحانية.

Bog aan la aqoon