Tasawwuf: Kacdoonka Ruuxiga ah ee Islaamka
التصوف: الثورة الروحية في الإسلام
Noocyada
فمن أجل محبة الله يزهد الصوفي في الدنيا ومتعها ولذاتها وجاهها، ويبذل كل شيء حتى نفسه التي هي أعز شيء عليه. يقول الحارث المحاسبي: «المحبة ميلك إلى الشيء بكليتك ثم إيثارك له على نفسك وروحك ومالك، وموافقتك له سرا وجهرا، ثم علمك بتقصيرك في حبه.» وفي قول المحاسبي «وموافقتك له سرا وجهرا» إشارة إلى اعتقاد الصوفية أن المحبة تورث الطاعة لله وإقامة حدوده وفرائضه، ورد على من يدعي أنها تؤدي بصاحبها إلى الترخص في الدين ورفع التكاليف الشرعية. يؤيد هذا قول صوفي كبير آخر هو يحيى بن معاذ الرازي: «ليس بصادق من ادعى محبته ولم يحفظ حدوده.»
ومن أجل محبة الله يتواضع الصوفي ولا يخالط قلبه عجب أو كبر أو رياء، ولا يدعي لنفسه شرفا أو علما أو جاها أو فضيلة أيا كان نوعها، بل لا يدعي لنفسه صدقا في العبادة أو إخلاصا كما هو واضح من تعاليم ملامتية نيسابور،
2
ومن عبارة جلال الدين الرومي التي يقول فيها: «الحب دواء العجب والرياء وطبيب جميع الأدواء، ولا يكون الإيثار صادقا إلا عند من مزق الحب ثوبه.»
3
وكما يؤثر الصوفي الله على نفسه، وما لله من حقوق على ما لنفسه، كذلك يؤثر على نفسه غيره من الناس، ويضحي بحقوقه من أجلهم ما دام في ذلك مرضاة لربه. يحكون أن النوري والرقام وآخرين اتهموا بالزندقة وحكم الخليفة بقتلهم، فلما دنا السياف من الرقام تقدم النوري وطلب من الجلاد أن يكون دوره أولا، فتعجب الحاضرون، وسأل الجلاد النوري في ذلك فقال: أنه أراد أن يؤثر صاحبه على نفسه ببعض لحظات بقيت له، ويحكى عن النوري أيضا أنه سمع يوما يناجي ربه ويقول: «رب قد سبق في علمك القديم وإرادتك أن تعذب عبادك الذين خلقتهم، فإذا اقتضت إرادتك أن تملأ جهنم من الناس فاملأها بي وحدي.»
ومن أجل محبة الله أحب الصوفية كل شيء لأن الأشياء آثار المحبوب ومجاليه، بل اعتبروا محبة الخلق قنطرة يعبر عليها السالك إلى محبة الله، واشترط بعضهم أن يكون للمريد سابقة عهد بحب إنساني؛ لأن من لا عهد له بحب إنساني لا يستطيع أن يرقى درجة واحدة في سلم الحب الإلهي، وهذه نزعة نجد لها صدى قويا عند أصحاب وحدة الوجود كما أوضحنا في قصة ابن عربي والنظام ابنة مكين الدين بن شجاع.
ومن أجل محبة الله يكثر الصوفي من التأمل فيه، وينصرف بجميع قواه إليه وحده ولا يشغل قلبه بسواه، ويأنس بذكره، ويستوحش ببعده، ويطرب لرضاه، وينزعج لغضبه، أو على حد قول الصوفية أنفسهم يفنى بكليته في محبوبه. يقول بعضهم:
لما علمت بأن قلبي فارغ
ممن سواك ملأته بهواكا
Bog aan la aqoon