Tasawwuf: Kacdoonka Ruuxiga ah ee Islaamka
التصوف: الثورة الروحية في الإسلام
Noocyada
وحدة الوجود في مذهب ابن عربي
لم تظهر فكرة وحدة الوجود في صورة نظرية كاملة متسقة قبل محيي الدين بن عربي المتوفى سنة 638، وإن ظهرت بعض الاتجاهات نحو هذه النظرية نجدها بين حين وآخر في أقوال الصوفية السابقين عليه، ولم يكن ابن عربي أول من أرسى دعائم مذهب كامل في وحدة الوجود وحسب، بل ظل حتى اليوم الممثل الأكبر لهذا المذهب، ولم يأت بعده ممن تكلموا في وحدة الوجود نثرا أو شعرا إلا كان متأثرا به أو ناقلا عنه، أو مرددا لمعانيه بعبارات جديدة.
وعلى الرغم من هذا فقد حاول كثير من الكتاب قديما وحديثا أن ينفوا عن ابن عربي القول بوحدة الوجود ظنا منهم أن هذا المذهب مذهب مادي إلحادي لا يليق بولي مسلم من كبار أولياء الله، ولو عرفوا أن وحدة الوجود التي يقول بها ابن عربي ليس فيها من المادية شيء، وأنه كما يقول ابن تيمية: «فرق بين «الظاهر» و«المظاهر»، فكان بذلك أقرب القائلين بوحدة الوجود إلى روح الإسلام»، لما استبعدوا صدور هذا المذهب عنه، ولما أنكروا عليه مذهبا يعد في طليعة المذاهب الفلسفية الصوفية العالمية، ولم يكن ابن عربي مجرد فيلسوف صوفي عني بالجانب النظري الثيوسوفي من التصوف، بل كان إلى جانب هذا من أرباب المواجد والأذواق، تكلم بلسان الكشف والإشراق كما تكلم بلسان العقل، فجمع بين القول بوحدة الوجود والقول بوحدة الشهود، وهذا هو موضع الحيرة فيه وسبب اختلاف الناس في أمره: فالذين ينكرون عليه القول بوحدة الوجود ينظرون إليه نظرتهم إلى غيره من أوائل الصوفية كالجنيد والشبلي وذي النون المصري، ويفسرون ما صدر عنه من أقوال في وحدة الوجود تفسيرهم للشطحات الصوفية، أو يعتبرونها على أكثر تقدير أقوالا معبرة عن وحدة الشهود، مع أنها أقوال لا يمكن صرفها عن ظاهر معناها إلا بضرب من التعسف لا مبرر له.
والحقيقة أنه لا ينكر على ابن عربي القول بوحدة الوجود إلا جاهل أو مكابر، فإن كل فقرة من فقرات كتابه «فصوص الحكم» وكثيرا مما يقوله في «الفتوحات المكية» ينطق بما لا يدع مجالا للشك بأن له مذهبا في وحدة الوجود ملك عليه زمام عقله وروحه وتفرع عنه كل ما ذكره من مسائل الفلسفة والتصوف الكبرى كمسائل الألوهية والبشرية، والمعرفة الإنسانية والحياة النفسية، والمحبة الإلهية، والأديان، والأخلاق، وأمور الآخرة، إلى غير ذلك مما يمكن وصفه بأنه يمثل فروع شجرة واحدة يغذيها أصل واحد.
وقد أشرنا في مواضع كثيرة من هذا الكتاب إلى نظريات ابن عربي في المحبة الإلهية وغيرها وبينا صلتها بمذهبه العام، والآن نعرض في شيء من التفصيل قضيته الكبرى التي هي أصل هذه النظريات.
1
يرى ابن عربي أن الوجود بأسره حقيقة واحدة ليس فيها ثنائية ولا تعدد، على الرغم مما يبدو لحواسنا من كثرة في الموجودات في العالم الخارجي وما نقرره بعقولنا من ثنائية الله والعالم: الحق والخلق، ولكن الحق والخلق عنده اسمان أو وجهان لحقيقة واحدة، إذا نظرت إليها من ناحية وحدتها سميتها حقا، وإن نظرت إليها من ناحية تعددها سميتها خلقا، ولكنهما اسمان لمسمى واحد:
فالحق خلق بهذا الوجه فاعتبروا
وليس خلقا بهذا الوجه فأدركوا
جمع وفرق فإن العين واحدة
Bog aan la aqoon